أحب إليك؟ فقال : ابن عمي أحب إليّ في قرابته ، وهذا أحب إليّ في ديني ، فإن هذا أخي في ديني على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم وناصري على ابن عمي فاستحبّ أن يكون مع شرحبيل بن حسنة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي محمّد بن محمّد بن أحمد ، أنا علي بن أحمد بن عمر ، أنا أبو علي محمّد بن أحمد بن الحسن ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، حدّثني إسحاق بن بشر ، عن محمّد بن إسحاق أن خالد بن سعيد لما بلغه قول أبي بكر ونزعه ، لبس ثيابه وتهيّأ بأحسن هيئة ، ثم أقبل نحو أبي بكر وعنده المهاجرون والأنصار أجمع ما كانوا (١) عنده وقد تهيأ الناس وأمروا بالنزول بالعسكر فسلّم على أبي بكر ثم على المسلمين ثم جلس فقال لأبي بكر : أما أنت قد وليتني أمر المسلمين وأنت غير متهم لي ، ورأيك فيّ حسن حتى خوّفت أمرا ، والله لأن أخرّ من رأس حالق ، وتخطّفني (٢) الطير بين السماء والأرض ، أحبّ إليّ من أن يكون مني ، والله ما أنا في الإمارة براغب ، ولا أنا على البقاء في الدنيا بحريص ، وإني لأشهدكم إني وإخوتي ومن خرجنا في وجهنا به من عون أو قوة في سبيل الله ، نقاتل به المشركين أبدا حتى يهلكوا أو نموت ، لا نريد به سلطانا ولا عرضا من الدنيا ، قال : فقال له الناس خيرا ودعوا له.
وقال أبو بكر : أعطاني الله في نفسي الذي أحب لك ولإخوتك ، والله إني لأرجو أن تكون من فصحاء الله في عباده ، وإقامة كتابه ، واتّباع سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : فخرج هو وإخوته وغلمانه ومن اتّبعه ، وكان أول من عسكر.
قال : ولما تهيأ الناس للخروج وترافق الناس وانضمّت المتطوعة إلى من أحبت ، نزل خالد بن سعيد تحت لواء أبي عبيدة يسير معه ، قال : فقال بعض الناس لخالد بن سعيد حين تهيأ للخروج مع أبي عبيدة : لو كنت خرجت مع ابن عمك يزيد بن أبي سفيان ، فقال : ابن عمي أحب إليّ من هذا لقرابته ، وهذا أحبّ إليّ من ابن عمي في دينه وقرابته ، هذا كان أخي على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووليي وناصري قبل اليوم على ابن عمي ، فأنا به أشد استئناسا ، وإليه أشد طمأنينة.
__________________
(١) الأصل : «ماتوا» والمثبت عن م.
(٢) الأصل وم : «وتخطفي» والمثبت عن المختصر.