عليهم اُبَيّ ، فلمّا انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة : ( ثم انصرفوا صرف الله ... ) فظنّوا أنّ هذا آخر ما نزل من القرآن ، فقال اُبَيّ بن كعب : أقرأني بعدها آيتين : ( لقد جاءكم رسول ... ) (١).
وهكذا ترتفع جميع الشبهات حول القرآن الكريم بعد سقوط الأحاديث التي هي المناشيء الأصليّة لها ...
ويبقى الكلام حول ما صنعه عثمان ... فهل جمع القرآن من جديد؟ وكيف؟ وبواسطة من؟
لقد اختلفت أحاديث القوم وكلمات علمائهم في هذا المقام أيضاً ، وقد أشرنا إلى بعض ذلك فيما تقدّم ... ولمّا كان الصحيح كون القرآن مكتوباً على عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومجموعاً مدوّناً قبل عهد عثمان بزمن طويل ، بل لا دور لمن تقدّم عليه في جمعه ... فالصحيح أنّ الذي فعله عثمان على عهده لم يكن إلاّ جمع المسلمين على قراءة واحدة ، وهي القراءة المشهورة المتعارفة بينهم ، المتواترة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... ومنعهم عن القراءات الاخرى المبنيّة على أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف.
أمّا هذا العمل فلم ينتقده عليه أحد من المسلمين ، لأنّ مصاحف الصحابة والتابعين كانت مختلفة ، حتى أنّ بعض العلماء ألّف في أختلافها كتاباً خاصاً ، (٢) وكان لكل من الصحابة أتباع في البلاد يقرؤون على
__________________
(١) مجمع الزوائد ٧ : ٣٥.
(٢) أنظر : المصاحف لابن أبي داود السجستاني.