القول بالتحريف ، لعدم ثبوت نسخ التلاوة بالدليل القطعي ، سواء كان نسخاً لأصل التلاوة أو نسخاً لها ولما تضمّنته من حكم معاً ، وإن كان في القرآن الكريم ما يشعر بوقوع نسخ التلاوة ، كقوله تعالى : ( وإذا بدّلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزّل قالوا إنّما أنت مفتر ) وقوله تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) ولكن ليستا صريحتين بوقوع ذلك ، ولا تظاهرتين ، وإنّما أكثر ما تدلّ الآيتان على إمكان وقوعه » (١).
هذا كلّه فيما يتعلّق بالآيات والسور التي زعموا سقوطها من القرآن ...
وأمّا مشكلة إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوّذتين ، فقد اضطربوا في حلّها اضطراباً شديداً كما رأيت ، فأمّا دعوى أنّ ما روي عنه في هذا المعنى موضوع وأنّه افتراء عليه فغير مسموعة ، لأنّ هذا الرأي عن ابن مسعود ثابت ، وبه روايات صحيحة كما قال ابن حجر ...
وأمّا ما ذكروا في توجيهه فلا يغني ، إذ أحسن ما ذكروا هو : أنّه لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن ، إنّما أنكر إثباتهما في المصحف ، لأنّه كانت السنّة عنده أن لا يثبت إلاّ ما أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بإثباته ، ولم يبلغه أمره به ، وهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً (٢).
__________________
(١) اصول الفقه ٢ : ٥٣.
(١) الإتقان ١ : ٢٧٠ ـ ٢٧٢ ، شرح الشفاء ـ للقاري ـ ٤ : ٥٥٨ ، نسيم الرياض ٤ : ٥٥٨.