ذلك ، من غير نظر في متونها وأسانيدها ، ولذا تجد في روايات الواحد منهم ما يعارض ما رواه الآخر ، بل تجد ذلك في أخبار الكتابين بل الكتاب الواحد للمؤلّف الواحد ، وترى المحدّث يروي في كتابه الحديثي خبراً ينصّ على عدم قبول مضمونه في كتابه الفقهي أو الإعتقادي ، لذلك فالرواية أعمّ من القبول والتصديق بالمضمون.
فلا يجوز نسبة مطلب إلى راوٍ أو محدّث بمجرد روايته أو نقله لخبر يدلّ على ذاك المطلب ، إلاّ إذا نصّ على الإعتقاد به أو أورده في كتاب التزم بصحّة أخباره ،
أو ذكره في كتاب صنّفه في بيان اعتقاداته أو فتاواه.
وهل يوجد عند الشيعة كتاب التزم فيه مؤلّفه بالصحّة من أوّله إلى آخره؟ الجواب : لا ، وهذا هو الأمر :
الثاني : إنّه لا يوجد كتاب واحد من بين كتب الشيعة وصفت أحاديثه جميعها بالصحّة ، وقوبلت بالتسليم والقبول لدى الفقهاء والمحدّثين ، ولذا نجد أنّ أحاديث الشيعة ـ وحتى الواردة في الكتب الأربعة (١) التي عليها المدار في استنباط الأحكام الشرعية ـ قد تعرّضت لنقد علماء الرجال وأئمّة الجرح والتعديل ، فكل خبر أجتمعت فيه شرائط الصحّة ، وتوفّرت فيه مقتضيات القبول اخذ به ، وكلّ خبر لم يكن بتلك المثابة ، ردّ ، أياً كان مخرجه وراويه والكتاب الذي أخرج فيه (٢).
__________________
(١) هي : الكافي للكليني ، من لا يحضره الفقيه للصدوق ، التهذيب والاستبصار للطوسي.
(٢) مقباس الهداية في علم الرواية للمامقاني ط مع تنقيح المقال.