فهل تجوز نسبة القول بالتحريف إليهم جميعاً؟
لقد علم ممّا سبق في غضون الكتاب : أنّ مجرّد رواية الحديث وثقله لا يكون دليلاً على التزام الناقل والراوي بمضمونه ، وعلى هذا الأساس لا يمكننا أن ننسب إليهم هذا القول الباطل ...
نعم ، فيهم جماعة التزموا بنقل الصحاح ، فلم يخرجوا في كتبهم إلاّ ما قطعوا بصدوره من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحابته ، حسب شروطهم التي اشترطوها في الراوي والرواية ، فهم ـ وكل من تبعهم في الإعتقاد بصحّة جميع أخبار كتبهم ـ ملزمون بظواهر ما أخرجوا فيها من أحاديث التحريف ، مالم يذكروا لها محملاً وجيهاً أو تأويلاً مقبولاً ...
وممّن التزم بنقل الصحاح من هؤلاء :
لقد اشترط مالك في كتابه ( المؤطّأ ) الصحّة ، ولذلك استشكل بعض الأئمة إطلاق أصحيّة كتاب البخاري مع اشترك البخاري ومالك في اشتراط الصحّة والمبالغة في التحرّي والتثبّت (١).
وقال الشافعي : « ما أعلم في الأرض كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك » (٢).
__________________
(١) هدى الساري ١: ٢١.
(٢) مقدّمة ابن الصلاح : ١٤ وغيره.