على أنّ للصحيحين مزيّة ) على غيرهما ، وتلقّت الامّة بقبولهما ، والإجماع قطعي.
وهذا بهت ، فإنّ من رجع إلى وجدانه يعلم بالضرورة أنّ مجرّد روايتهما لا يوجب اليقين ألبتّة ، وقد روي فيهما أخبار متناقضة ، فلو أفادت روايتهما علماً لزم تحقّق النقيضين في الواقع ( وهذا ) أي ما ذهب إليه ابن الصلاح وأتباعه ( بخلاف ما قاله الجمهور ) من الفقهاء والمحدّثين ، لأنّ انعقاد الإجماع على المزيّة على غيرهما من مرويّات ثقات آخرين ممنوع ، والإجماع على مزيّتهما في أنفسهما لا يفيد و ( لأنّ جلالة شأنهما وتلقّي الأمّة لكتابيهما والإجماع على المزيّة لو سلم لا يستلزم ذلك ) القطع والعلم ، فإنّ القدر المسلّم المتلقّى بين الامّة ليس إلاّ أنّ رجال مرويّاتهما جامعة للشروط التي اشترطها الجمهور لقبول روايتهم ، وهذا لا يفيد إلاّ الظنّ ، وأمّا أنّ مرويّاتهما ثابتة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا إجماع عليه أصلاً. كيف ولا إجماع على صحّة جميع ما في كتابيهما ، لأنّ روايتهما منهم قدريّون وغيرهم من أهل البدع ، وقبول رواية أهل البدع مختلف فيه ، فأين الإجماع على صحّة مرويّات القدريّة؟! » (١).
٨ ـ ابن أمير الحاجّ (٢) : « ثم ممّا ينبغي التنبّه له أنّ أصحّيّتهما
__________________
(١) فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت ٢ / ١٢٣.
(٢) ترجمته في : شذرات الذهب ٦ / ٣٢٨ ، الضوء اللامع ٩ / ٢١٠ ، البدر الطالع ٢ / ٢٥٤.