إنّ مسلماً لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي فأنكر عليه وقال : سمّيته الصحيح فجعلت سلّماً لأهل البدع وغيرهم ، فإذا روى لهم المخالف حديثاً يقولون : هذا ليس في صحيح مسلم ؛ فرحم الله تعالى أبا زرعة فقد نطق بالصواب ، فقد وقع هذا.
وما ذكرت ذلك كلّه إلاّ أنّه وقع بيني وبين بعض المخالفين بحث في مسألة التورّك ، فذكر لي حديث أبي حميد المذكور أولاً ، فأجبته بتضعيف الطحاوي فما تلفّظ وقال : مسلم يصحّح والطحاوي يضعّف ، والله تعالى يغفر لنا وله آمين » (١).
٤ ـ أبو الفضل الأدفوي (٢) : « ثم أقول : إنّ الامّة تلقّت كلّ حديث صحيح وحسن بالقبول ، وعملت به عند عدم المعارض ، وحينئذ لا يختصّ بالصحيحين ، وقد تلقّت الامّة الكتب الخمسة أو الستّة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم ( الصحيح ) ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره.
قال أبو سليمان أحمد الخطّابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنّف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد زرق من الناس القبول كافّة ، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وكتاب السنن أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من كتب البخاري
__________________
(١) الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية ٢ : ٤٢٨ ـ ٤٣٠.
(٢) ترجمته في : الدرر الكامنة ٢ : ٧٢ ، النجوم الزاهرة ١٠ : ٢٣٧ ، البدر الطالع ١ : ١٨٢ ، حسن المحاضرة ١ : ٣٢٠ ، شذرات الذهب ٦ : ١٥٣.