وفد على عبد الملك بن مروان ، وولي السند لعدي بن أرطأة عامل عمر بن عبد العزيز على البصرة.
قرأت في كتاب أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري الذي صنّفه في ذكر آل مالك بن مسمع وأخبارهم ، قال :
فولد مسمع بن مالك صاحب سجستان ، وإنّما نسبه إلى ولايته لكثرة مسمع ومالك في نسب بني مسمع رجلين : عبد الملك ومالكا ابني مسمع ، كان عبد الملك بن مسمع بن مالك سيدا جوادا جميلا ، فتى ربيعة وسيدها في زمانه ، لا يعرف فيها مثله ، أمره أبوه مسمع وهو بسجستان أن يلحق بالحجاج بن يوسف ، فلحق به ، وهو ابن سبع عشرة سنة ، فولّاه الحجاج شطّيّ دجلة ، وأوفده إلى عبد الملك بن مروان ، فلما قدم عليه وفد أهل البصرة قدّم المشيخة وأهل البلاء ، فدخل عبد الملك في آخر من دخل لصغر سنّه ، فلما انتسب له قال له عبد الملك : فما أخّرك عني يا غلام؟ قال : أصلح الله أمير المؤمنين ، قدم الأمير أهل السنّ والبلاء قال : فأنت والله أعظمهم عندنا بلاء ووالدا ، يا حجاج ، قدّمه في أول من يدخل عليّ من الناس ، فلم يزل مكرما له ، وعارفا بفضله حتى قدم مع الحجاج العراق ، فولّاه البحرين ، فلم يزل واليا عليها حتى مات الحجاج.
قال : فأخبرني بعض أصحابنا عن البريد الذي بعثته أم عمرو بنت مسمع بنعي الحجاج ، وكان رجلا من بني عجل ، قال : فأتيته بالكتاب ، فنادى : الصلاة جامعة ، ثم صعد المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم نعى لهم الحجاج ، فقام إليه رجل نصراني فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وسلمة بن شيبان يشهد أنّ محمدا رسول الله ، ثم تكلم فأحسن الكلام ، وكان سلمة بن شيبان بن سلمة بن علقمة بن شيبان على شرط عبد الملك بالبحرين ، ثم ولي بعد الحجاج البحرين وخزانة البحر ، والسّند ، والهند لعديّ بن أرطأة ، وفتح مدينة القيقان (١) ، ومدينة راكس ، وهما بين سجستان والسند ، وأخذ ابن فاقة فأرسل به إلى عدي ، وكتب إليه بخبر الفتح ، وبعث به عدي إلى عمر بن عبد العزيز ، فسر بذلك سرورا شديدا لما دخل ابن فاقة على عمر بن عبد العزيز ، فيما أخبرني مسمع بن مالك ، عن يونس النحوي قال : قال له عمر بن عبد العزيز : كيف أغزاك أبوك هذه المدينة وجعلك فيها وأنت حديث السن لم تحفظ الأمور وهو ملك السند؟ قال : أراد أبي إن كان فتحا كان لي ذكره وفخره ، وله لموضعي منه ،
__________________
(١) قيقان بالكسر ، من بلاد السند مما يلي خراسان. (معجم البلدان).