وإن كانت بلية قيل وليها غلام صغير ، فقال عمر : إن لأولاد المليك فضلا وأعجب منه ، وقد كان بعض الكتاب وجد على عبد الملك من أجل أنه كان قصر به في شيء ، كان قسمه في الكتاب والأعوان ، فقال لعمر بن عبد العزيز : إن هذه المدينة في الصلح ، وهو كاتب.
فكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي ، أمّا بعد فإنّ كتابك أتاني بهذا الفتح الذي سميته فتحا من قبل عبد الملك بن مسمع ، وحمدت الله على حسن بلائه في ذلك ، وعلى كلّ حال ، وسألت عن الأرض التي ذكرت في كتابك ، فأخبرني بعض الناس أنها كانت صلحا تعطي الجزية حديثا وقد كنت حقيقا في حق الله الذي أنت مسئول عنه أن لا تقاتل أهل الصلح ، وقد كانوا صالحوه مرة آمنين على أنفسهم أن لا يبدءوا بقتال حتى يعلمني ذلك ، فإن كانوا استخفوا القتال والسماء أمرت بذلك فيمر على علم به وبعد مراجعة منك لعاملك فيهم ، وإن كانوا لم يجلوا بأنفسهم ، ولم يستحقوا [ذلك](١) لم يقدم به عليهم ، ولم يسبقني إلى ذلك الحريص على المغنم في الدنيا الذي يكون عليه مغرما في الآخرة ، فإني لعمري لو لم أختبر هذا يوما ولا ليلة إلّا بأمانة وورع ، ثم فاجأني الذي منه لم يؤامرني منه في شيء ، ولم يطلعني عليه لأسأت به ظنا فدع أني لم أره ولم أخبره ، ولم أعلم ما هو ، فإذا جاءك كتابي هذا فاكشف لي عما كتبت إليك فيه ، فإنّه قد منعني بهذا الفتح ، إن كان فتحا سوء الظن بعامله فيما ولي ، فعجّل علي بأصل خبر القوم على هيبة ، وإياك أن تهلك على أحد من الناس في دينك وأمانتك وما أنت محاسب به ، والسلام.
وقال فيه بعض البكريين قصيدة ، وهذا مما وجدت فيها على غير تأليف :
ولقد دلفت لراكس بكتيبة |
|
خرساء يوم تقادح ونزال |
بالخيل تردي والرماح تنالها |
|
قب البطون لواحق الاطال |
من آل أعوج والوجيه ولاحق |
|
يحملن (٢) كل سميدع (٣) قتال |
وعطفت للقيقان عطفة ماجد |
|
حامي الحقيقة كلّ يوم نصال |
فتركتهم قتلى بكل نتوفة |
|
جزر السفلة صارم عسال |
وهدمت حصنهم وبحرت حريمهم |
|
وقسمت سبيهم مع الأنفال |
والخيل تضرب بالكماة كأنّها |
|
عقبان دجن دائم التهطال |
__________________
(١) الزيادة عن م.
(٢) بعدها بالأصل ضبة.
(٣) عن م وبالأصل : سيدع.