يشتد به المرض ، فيجتهد به إخوانه أن ينال شيئا فيأبى ذلك ، حتى مضى (١) ، عليه رحمة الله.
قال : وحدثني محمّد بن الحسين ، حدثني الصّلت بن حكيم ، حدثني أبو عاصم العبّاداني ، قال : قال لي عبد الواحد بن زيد يوما :
ما بالله حاجة إلى تعذيب عباده أنفسهم بالجوع والظمأ ، ولكن الحاجة بالمؤمن إلى ذلك ليراه سيّده ظمآن ناصبا ، قد جوّع نفسه له ، وأهمل عينيه ، وأنصب بدنه ، فلعله أن ينظر إليه برحمته فيعطيه بذلك الجوع والظمأ الثمن الجزيل ، ثم قال : وهل تدري ما الثمن الجزيل؟ فكاك الرقاب من النار.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز الكتاني (٢) ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، نا أبو علي الحسن بن حبيب ، نا أبو حفص القاضي الحلبي ـ يعني عمر بن الحسن ـ نا إبراهيم بن الجنيد ، نا محمّد بن الحسين ، حدثني يحيى بن بسطام الأصفر ، نا مضر القارئ ، قال :
شاهدت لعبد الواحد بن زيد دعوات مستجابات ، قال :
كان يجالسه فتية متعبدون من قريش فأتوه يوما ، فشكوا إليه الحاجة وأعلموه أن السلطان أرادهم على عمله ، فبكى ثم رفع رأسه إليهم فقال : اصبروا يا بني فإنما يهدي الفقر والضيق إلى أوليائه كرامة منهم عليه ، ثم رفع بيده إلى السماء ، فقال : اللهمّ إنّي أسألك باسمك ذاك الرفيع المرفّع الذي تكرم به من شئت من أوليائك ، وتلهمه الصفيّ من إحسانك ، أسألك أن تأتينا برزق من لدنك ، نقطع به علائق السلطان من قلوبنا ، وقلوب أصحابنا هؤلاء عن السلطان ، فأنت الحنّان المنّان ، وأنت القديم الإحسان ، اللهمّ الساعة الساعة ، قال : فسمعت والله السقف يقهقه ، ثم تناثرت علينا الدنانير والدّراهم.
قال : فقال لنا عبد الواحد : استغنوا بالله عن الأمراء ، قال : فأخذت وأخذ القوم ولم يأخذ عبد الواحد من ذلك شيئا ، وأصاب عبد الواحد خطرة من الفالج ، فقال يوما : من هاهنا فلم يجبه أحد ، ثم قال : من هاهنا فلم يجبه أحد ، ثم قال : اللهمّ أحللني من وثاقي هذا حتى أقضي حاجتي ، ثم أمرك فيّ ، قال : فنشط والله من دائه حتى قضى حاجته ، ثم عاد إلى فراشه ، فعاودته علّته.
__________________
(١) الأصل وم ، وفي الحلية : قضى.
(٢) في م : الكناني ، تصحيف.