وقدم دمشق غير مرة ، وله أشعار يصف فيها أوقاته بدير مرّان ، وأشعاره حسنة سائرة.
ذكره أبو منصور الثعالبي فقال (١) : نجم الآفاق وشمامة الشام والعراق ، وظرف الظرف ، وينبوع اللطف ، وأحد أفراد الدهر في النظم والنثر ، وإنّما لقب بالببغاء للثغة فيه.
قال لنا أبو الحسن بن قبيس وأبو منصور بن زريق : قال لنا أبو بكر الخطيب (٢) :
عبد الواحد بن نصر بن محمّد أبو الفرج المخزومي الحنطبي الشاعر المعروف بالببغاء ، كان شاعرا مجودا ، وكاتبا مترسلا ، مليح الألفاظ ، جيّد المعاني ، حسن القول في المديح ، والغزل ، والتشبيه ، والأوصاف وغير ذلك.
وروى لنا جماعة عنه شيئا كثيرا من شعره ـ زاد ابن زريق : عن الخطيب : وهو عبد الواحد بن نصر بن محمّد بن عبيد الله بن عمر بن الحارث بن المطّلب بن عبد الله بن عبد العزيز بن المطلّب بن عبد الله بن المطلّب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن زريق ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، حدّثني أبو حكيم الخوارزمي ، قال : كتب أبو الفرج الببّغاء إلى سيف الدولة يشكره ـ وقد خلع عليه وحمله : إنّ شكري نعمة الله عليّ بما جدّده (٤) من ملاحظة سيدنا الأمير ـ أيّده الله ـ حالي ، وتداركه بطبيب التطول مرض آمالي ، ما لا أؤمل مع المبالغة والإغراق فيه ، فك نفسي بحال من رق أياديه ، غير أني أحسن لها النظر ، وأحمل عنها الأحدوثة والخبر ، بالدخول في جملة الشاكرين ، والارتسام بفضيلة المخلصين ، إذ كان ـ أدام الله عزه ـ قد نصر نباهتي على الخمول ، واستنقذني من التعبد للتأميل ، [ولذلك أقول :](٥)(٦)
فصرت أمسك عن أوصاف نعمته |
|
عجزا وينطق عن آثارها حالي |
لمّا تحصنت من دهري بخلعته (٧) |
|
سمت يحملانه ألحاظ إقبالي |
وواصلتني صلات منه رحت بها |
|
أختال ما بين عزّ الجاه والمال |
__________________
(١) يتيمة الدهر ١ / ٢٩٣.
(٢) تاريخ بغداد ١١ / ١١.
(٣) المصدر السابق ١١ / ١١ ـ ١٢.
(٤) الأصل : «إنما حدده» وفي م : «إنما جدده» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم وأضيف عن تاريخ بغداد.
(٦) الأبيات في تاريخ بغداد ١١ / ١٢ ويتيمة الدهر ١ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ووفيات الأعيان ٣ / ٢٠٠.
(٧) يتيمة الدهر : بمعقله.