فلينظر الدهر عقبى ما صبرت له |
|
إذ كان من بعض حسادي وعذّالي |
ألم أكده بحسن الانتظار إلى |
|
أن صنت حظي عن حطّ وترحال (١) |
بلغت من لا يجوز السؤل نائله |
|
ولا يدافع عن فضل وإفضال |
يا عارضا لم اسم مذ كنت بارقه |
|
إلا رويت بغيث منه هطال |
رويد جودك قد ضاقت (٢) به هممي |
|
وردّ عني برغم (٣) الدهر إقلال |
لم يبق لي أمل أرجو نداك به |
|
دهري لأنّك قد أفنيت آمالي |
أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، عن أبي الحسن محمّد بن هلال بن المحسّن بن إبراهيم الكاتب ، أنشدنا أبو الحسين هلال والدي ، قال : وكتب جدي إبراهيم بن هلال (٤) هذه الأبيات إليه ـ يعني أبا الفرج الببّغاء ـ وهي مشهورة (٥) :
أبا الفرج أسلم وابق وانعم ولا تزل |
|
يزيدك صرف الدهر حظا إذا نقص |
مضت (٦) مدة استام ودك عاليا |
|
فأرخصته والبيع غال ومرتخص |
وآنستني في محبسي بزيارة شفت |
|
شفت كمدا (٧) من صاحب لك قد خلص |
ولكنها كانت كحسوة طائر |
|
فواقا كما يستفرص السارق الفرص |
وأحسبك استوحشت من ضيق موضعي |
|
وأوجست خوفا من تذكّرك القفص |
كذا الكرز (٨) اللّمّاح ينجو بنفسه |
|
إذا عاين الأشراك تنصب للقنص |
فحوشيت يا قسّ الطيور فصاحة |
|
إذا أنشد المنظوم أو درس القصص |
من المنسر (٩) الأشقى (١٠) ومن حزة المدى |
|
ومن بندق الرامي ومن قصة المقصّ |
__________________
(١) يتيمة الدهر : حلّ وترحال.
(٢) غير مقروءة بالأصل ، وتقرأ في م : «فاضت» والمثبت عن يتيمة الدهر وتاريخ بغداد.
(٣) تقرأ بالأصل : «بعزم» وغير واضحة في م ، والمثبت عن اليتيمة وتاريخ بغداد.
(٤) هو إبراهيم بن هلال أبو إسحاق الحراني الصابى ، انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٦ / ٥٢٣.
(٥) الأبيات ذكرها مع مناسبتها الثعالبي في يتيمة الدهر ١ / ٣٠٩ وجاء فيها : أن أبا الفرج قدم بغداد مرة وأبو إسحاق معتقل منذ مدة بعيدة فلم يصبر عنه فزاره في محبسه ثم انصرف عنه ولم يعاوده ، فكتب إليه أبو إسحاق ، الأبيات.
(٦) صدره في اليتيمة :
مضى زمن تستام وصلي غاليا
(٧) الأصل : «قرما» وفي م : «سبقت قرطا» والمثبت عن اليتيمة.
(٨) الأصل وم الكرر ، والمثبت عن اليتيمة ، والكرز : البازي.
(٩) الأصل : «المسير» وبدون إعجام في م ، والمثبت عن يتيمة الدهر ، والمنسر : المنقار.
(١٠) كذا بالأصل وم ، وفي اليتيمة : الأشغى ، يعني : الطويل.