واشتراطا للزيادة في ظرفه ، كقول النابغة الجعدي :
فتى كان فيه ما يسرّ صديقه |
|
على أن فيه ما يسوء الأعاديا |
فتى كملت خيراته غير أنه |
|
جواد فما يبتغي من المال باقيا |
وكقول النابغة الذبياني :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم |
|
بهنّ فلول من قراع الكتائب |
وكقول الآخر :
ولا عيب فينا غير عرق لمعشر |
|
كرا وأنّا لا نحدّ على النّمل |
أي لسنا بمجوس ، وذلك أنهم كانوا يقولون : إنّ الرجل إذا خرجت به النمل فخط عليها ابنه من أمة أو ابنته برأ الرجل ، هذا تفسير الأصمعي وغيره من أهل العربية إلّا ابن الاعرابي وحده فإنه يرويه بحط بالحاء غير معجمة يقول : إنّا لا نأتي بيوت النمل في الجدب فنحفر على ما قد جمع لنأكله.
ووجه ثالث وهو إنّما أرادوا باللحن اللّكنة التي كان ابن زياد يرتضخها. ذكروا أنه كان يرتضح لكنة فارسية ، وقال لرجل اتهمه برأي الخوارج أهروري أنت؟ يريد أحروري أنت؟ يريد أحروري ، وقال في كلام له : من كاتلنا كاتلناه ، يريد قاتلناه ، وإنّما أتته هذه اللكنة من قبل أمه شيرويه (١) وكانت ابنة بعض ملوك فارس يزدجرد أو غيره ، فقد يكون معاوية لما رأى القوم يعيبونه بها صرف الأمر فيها عن وجه العيب إلى ناحية المدح فقال : أوليس ذاك أظرف له؟ يريد أوليس ذلك أنجب له إذا نزع بالشبه إلى الخال (٢) وكانت ملوك فارس تذكر بالسياسة (٣) وتوصف بمحاسن الشيم ، والعرب تعظم أمر الخؤولة وتكاد تغلبه في الشبه على بعض العمومة ، أنشدني أبو عمر لبعضهم :
عليك الخال إنّ الخال يسري |
|
إلى ابن الأخت بالشبه المبين |
وقال آخر :
فإنّ ابن أخت القوم مكفأ اناوه |
|
إذا لم تراحم خاله باب خالد |
وحدثني عثمان المروزي نا علي بن بشير نا حسين بن عمرو العنقزي ثنا أبو بلال
__________________
(١) في م والبداية والنهاية : سيرويه.
(٢) البداية والنهاية : أخواله.
(٣) البداية والنهاية : بحسن السياسة.