الأشعري قال : قال تبيع صاحب كعب الأحبار : من أعرقت فيه الفارسيات لم يخطه دين أو حلم. ومن أعرقت فيه الروميات لم تخطه شدة أو نقابة ، ومن أعرقت فيه البربريات لم تخطه حدة أو تكلف. ومن أعرقت فيه الحبشيات لم يخطه سكر أو تأنيث. ولم يقصد بهذا معاوية مدحه على اللحن ، ولا كان يرى اللحن ظرفا ، وإنما أشار بذلك أنه قد نزع إلى أخواله ، وكانوا ملوكا ، أهل أدب وظرف.
فأما قول الآخر :
منطق صائب ويلحن أحيانا |
|
وخير الحديث ما كان لحنا |
وتأويل ابن قتيبة له على أن اللحن يستملح من المرأة ويستثقل منها الإعراب فقد قيل هذا. وكان أبو العباس ثعلب يقول في ذلك بخلاف هذا القول.
قال أبو العباس : اللحن هجين حيث كان مستقبح من صاحبه رجلا كان أو امرأة ، وإنما أثنى عليها بشدة الخفر والحياء الذي يقطعها عن إصابة الأعراب في منطقها فتلحن في كلامها.
وكان ابن الأعرابي تناوله على خلاف هذا وذلك ، وقال : إنما هو من لحن الفطنة. يريد أنها تفطن لبعض الحديث من عقلها ولا تفطن لبعض الحديث لعفافها ، واللحن ساكنة الحاء عنده :
الفطنة كاللحن الذي هو الخطأ سواء. وعامة أهل اللغة في هذا على خلافه ، إنما قالوا : في الفطنة اللحن مفتوحة الحاء ، وفي الخطأ بسكونها. قال ابن الأعرابي : واللحن أيضا اللغة.
قال : وقد روي أن القرآن نزل بلحن قريش أي بلغتهم.
قال : ومنه قول عمر : تعلموا الفرائض ، والسنة ، واللحن أي اللغة ، قال : واللحن فحوى الكلام ومعناه. ومنه قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)(١) قال غيره : واللحن : الصوت أيضا.
قال الفرزدق :
وداع بلحن الكلب يدعو ودونه |
|
من الليل سجفا ظلمه وستورها |
وقال آخر يصف طائرين :
باتا على غصن بان في ذرى فنن |
|
يرددان لحونا ذات ألوان |
__________________
(١) سورة محمد ، الآية : ٣٠.