قال (١) : شهدت ابن زياد حين جاءه وفاة يزيد بن معاوية قام خطيبا ، فحمد الله ، وأثنى عليه ثم قال :
يا أهل البصرة إن تنسبوني فجدودي مهاجري ومولدي وداري فيكم ، وقد وليتكم وما أحصى ديوان مقاتلتكم إلّا أربعين ألفا ، وقد أحصى إلى اليوم أربعين ومائة ألف ، وما تركت لكم ظنّة أخافها عليكم إلّا وهي في سجنكم هذا ، وإنّ أمير المؤمنين يزيد بن معاوية قد توفي وولي ابنه معاوية بن يزيد ـ وزاد ابن أبي عيينة : عن شهرك : وقد اختلف أهل الشام ، فأنتم اليوم أكثر عددا ، وأعرضه فيئا (٢) وأغناه عن الناس ، وأوسعه بلادا ، فاختاروا لأنفسكم رجلا ترضونه لدينكم وجماعتكم ، فأنا أول من رضي به ، وتابع ، وأعان بنصيحته وماله وقوته ، فإن اجتمع أهل الشام على رجل ترضونه دخلتم فيما دخل فيه المسلمون ، وإن كرهتم ذلك كنتم على جديلتكم (٣) حتى تعطوا حاجتكم ، فما لكم إلى شيء من البلاد حاجة وما يستغني الناس عنكم.
فقامت خطباء أهل البصرة ، فقالوا : قد سمعنا مقالتك أيها الأمير ، وما نعلم أحدا أقوى عليها منك ، فهلمّ نبايعك ، [فقال : لا](٤) فلما أبوا بسط يده فبايعوه وانصرفوا وهم يقولون : أيظن ابن مرجانة أن نستقاد (٥) له في الجماعة والفرقة كذب والله.
قال : ونا خليفة ، نا سليمان بن حرب ، ووهب بن جرير ، عن غسان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد.
أن ابن زياد نعى لهم يزيد ، وقال : اختاروا لأنفسكم ، فقالوا : نختارك ، فبايعوه ، وقالوا : أخرج لنا إخواننا وكانت السجون مملوءة من الخوارج ، فقال : لا تفعلوا ، فإنهم يفسدون عليكم ، فأبوا ، فأخرجهم ، فجعلوا يبايعونه ، فما تتامّ آخرهم حتى أعطوا له ، ثم خرجوا في ناحية بني تميم ، فمرّ بهم سلمة بن ذؤيب الرّياحي ، فقالوا : من أين أقبلت؟ فقال : من عند هذا الخبيث ابن البغي الدّعيّ.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب.
__________________
(١) انظر الخبر في تاريخ الطبري ٥ / ٥٠٤ والكامل لابن الأثير بتحقيقنا (حوادث سنة ٦٤).
(٢) في الطبري وابن الأثير : قناء.
(٣) رسمها وإعجامها مضطربان بالأصل وم ، والمثبت عن الطبري.
(٤) الزيادة بين معكوفتين عن م.
(٥) كلمة غير معجمة وغير مقروءة بالأصل وم ورسمها : «يستفاد» والمثبت عن الطبري.