ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب قال : أملى علينا سليمان بن حرب بمكة مرسل ، وبلغني أنه ذكر بالبصرة ، نا غسان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد ، قال :
لما مات يزيد بن معاوية صعد عبيد الله بن زياد المنبر ، فخطب ، ونعاه إلى أهل البصرة ، فقال : اختاروا لأنفسكم ، فإنه سيأتيكم الآن أمير ، فقالوا : فإنا نختارك ، فقال : لعل يحملكم على هذا حداثة عهدي عليكم ، قالوا : فإنّا نختارك ، قال : والسجن مملوءا من الخوارج ، فقالوا : أخرج إلينا إخواننا من السجن ، قال : إنّي أشير عليكم بغير ذلك ، اجمعوا جزلا من جزل (١) الحطب ثم احدقوا بالسجن ، ثم حرّقوا عليهم ، قالوا : فإنّا لا نفعل ذلك بإخواننا ، قال : فأخرجهم ، فبايعوه ، قال : فما خرج منهم إلّا قليل حتى جعلوا يغلظون له في البيعة ، قال : فخرجوا من السجن ، فخرجوا عليه ، فحصبوه ، قال : فأرسل إلى الحارث بن قيس الجهضمي ، فجاءه فقال : إنّ نفسي قد أبت إلّا قومك ، والله ما ذلك لك عندهم وقد أبلوا في أبيك ما أبلوا ، ففعلت بهم ما فعلت ، قال : فأردف (٢) الحارث بن قيس ، وكان الناس يتحارسون قال : فانطلق به في ناحية قال : فمرّ بقوم يحرسون ، فقالوا : من هذا؟ قال : الحارث بن قيس : قالوا : ابن أختنا ، انطلق ، قال : وفطن رجل فقال : ابن مرجانة ، فرماه بسهم ، فوقع في قلنسوته وجاء به إلى مسعود بن عمرو ، قال : فلبث في منزله ما لبث.
قال سليمان : فحدّثنا غسان بن مضر عن أبي سلمة قال :
لبث عند مسعود ما لبث وهم أن (٣) قال فقالوا له : لو أرسلت إلى رجل من قومك فاستشرناه في هذا الأمر ، قال : فبعث إلى رجل من بني معن أعور يقال له حسن ، قال : فجاء يجر ملحفة له غليظة دستوانية يسحبها ، حتى جلس ، قال : فقال : هذا ابن زياد ، قال : لا مرحبا ولا أهلا ، إن كان ، والله ما علمت لهيتنا وقع فينا ، يزعم أنه لو ركب المهرانية ثم استاق الأزد ما عوض له ، فما اضطرك إلينا ، لا ولا كرامة ، ثم قال : أيها الشيخ اعمد إلى هذا فدسه ثم يكون كطير وقع فلا يعلم به أحد ، فأرسلوه في سبعين من أزد وربيعة حتى بلغوا مأمنه.
قال سليمان : وقال غيره :
__________________
(١) الجزل : الحطب اليابس ، أو الغليظ العظيم منه ، (القاموس المحيط).
(٢) الردف : الراكب خلف الراكب. ردفه وأردفه : تبعه (القاموس المحيط).
(٣) كذا بالأصل : «إن قال» وغير مقروءة في م.