لما خرج عبيد الله بن زياد بايع الناس ، فقالت الأزد وربيعة : لا نرضى بهؤلاء ، إن رجلا لم يشاورنا في أمره قال : فبايعوا مسعود بن عمرو ، وخرجوا معه حتى أتى مسجد الجامع ، قال : فصعد مسعود المنبر ، وامتلأ المسجد من الناس ، وجاء رجل من ولد عبد الله بن عامر يلقب فقير بن فقير ، قال : وجاءت الأساورة ، قال : فجعلوا يرمون بالنشاب في المسجد حتى عقروا ناسا من الناس ، قال : فنزل مسعود ، وثار الناس إلى دوابهم.
قال سليمان ـ فحدّثنا غسان عن أبي سلمة ، عن إبراهيم بن عبد الرّحمن رجل من اليمن قال :
جئت إلى مسعود وقد ازدحم الناس عليه ، وعلى بغلته ، قال : فصرعوا البغلة عليه ، فاندقّت فخذه ، قال : فأخذته فجررته ، قال : حس أوجعتني ، قال : وخرج نافع بن الأزرق في سبعين من قضاء رحبة بني سليم ، فحكموا ، قال : فأخرج الناس عنه ، فضربوه حتى قتلوه (١) قال سليمان : وقال غير غسان :
فجاءت بنو تميم فحملوه فألقوه فيهم وادّعوا قتله ، فاجتمعوا في المربد ، فخرج هؤلاء وهؤلاء ، قال : فولت ربيعة مالك بن مسمع وولت الأزد زياد بن عمرو العتكي ، قال : فلما كانوا في المربد صف بعضهم لبعض واعتقد بعضهم على بعض أنهم ظفر ، فليس له على النساء سبيل ، قال : فقالت الأزد وربيعة : اختاروا منا إحدى ثلاث ، قال الأحنف : هاتوا ، قال : تخرجون من الدار فتلحقوا ببلادكم ، قالوا : هذه إعرابية لا حاجة لنا فيها ، قال : هذه لا ... (٢) قال : فتدون قتلانا ، وتعطون مسعود مائة ألف درهم ، فرضي الأحنف ، ودعا ناسا من بني تميم فعرض عليهم ، فأبوا أن يضمنوا ، فدعا ابن أخيه أناس بن قتادة فأمره ، فضمن. قال : فندم القوم بعد وقالوا : ندخل معك ، قال : فقال : لا والله ، لا يدخل معي أحد.
وقال الفرزدق : ومنا الذي أعطى يديه رهينة.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة ، نا وهب ، عن أبيه ، حدّثني عمي صعب بن زيد أنهم لما بايعوا ابن زياد خرجوا ، فجعلوا يمسحون أيديهم بجدر باب الإمارة ويقولون : هذه بيعة
__________________
(١) الذي في تاريخ الطبري ٥ / ٥٢٥ قتله علج يقال له مسلم من أهل فارس ، دخل البصرة فأسلم ، ثم دخل في الخوارج.
(٢) كلمة غير معجمة بالأصل وم ورسمها : «بعبالها».