القاسم بن بشّار الأنباري ، نا عبد الله بن عمرو بن لقيط ، قال (١) :
لما أخبر أبو نواس بأن الخليفة [عمل](٢) على أن يجمع بين الأصمعي وأبي عبيدة ، قال : أما أبو عبيدة فعالم ما ترك مع أسفاره يقرؤها ، والأصمعي بمنزلة بلبل في قفص يسمع من نغمه لحونا ، ويرى (٣) كل وقت من ملحه فنونا.
أخبرنا أبو منصور القزاز ، وأبو الحسن العطار ، نا أبو بكر الخطيب (٤) ، أنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أنا إسماعيل بن سعيد المعدل ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا أبو العيناء ، أخبرني الدّعلجي ـ غلام أبي نواس ـ قال : قيل لأبي نواس : قد أشخص أبو عبيدة والأصمعي إلى الرشيد ، فقال : أما أبو عبيدة فإنهم إن مكّنوه (٥) من سفره قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين ، وأمّا الأصمعي فبلبل يطربهم بنغماته.
قال (٦) : وأخبرني الأزهري ، أخبرني محمّد بن الحسن بن المأمون الهاشمي ، نا أبو بكر بن الأنباري ، نا محمّد بن أحمد المقدّمي ، نا أبو محمّد التميمي ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ـ مولى الأنصار ـ نا الأصمعي ، قال :
بعث إلي محمّد الأمين وهو ولي عهد ، فصرت إليه ، فقال : إنّ الفضل بن الربيع كتب إلي عن أمير المؤمنين يأمر بحملك إليه على ثلاث دوابّ من دوابّ البريد ، وبين يدي محمّد السندي بن شاهك ، فقال له : خذه فاحمله وجهّزه إلى أمير المؤمنين ، فوكل به السّندي خليفته عبد الجبار ، فجهّزني وحملني ، فلما دخلت الرّقّة أوصلت إلى الفضل بن الربيع ، فقال لي : لا تلقين أحدا ولا تكلّمه حتى أوصلك إلى أمير المؤمنين ، وأنزلني منزلا أقمت فيه يومين ـ أو ثلاثة ـ ثم استحضرني فقال : جئني وقت المغرب حتى أدخلك على أمير المؤمنين ،. فجئته فأدخلني على الرشيد وهو جالس منفرد ، فسلّمت ، فاستدناني وأمرني بالجلوس ، فجلست ، وقال لي : يا عبد الملك وجّهت إليك بسبب جاريتين أهديتا إليّ ، وقد أخذتا طرفا من الأدب ، أحببت أن تبوّر (٧) ما عندهما وتشير عليّ فيهما بما هو الصواب عندك ، ثم قال : ليمض إلي عاتكة فيقال لها : أحضري الجاريتين ، فحضرت جاريتان ما رأيت مثلهما قط ، فقلت
__________________
(١) عن م وبالأصل : «قا».
(٢) سقطت من الأصل وم ، وأضيفت عن تاريخ بغداد.
(٣) الأصل : وترى ، والمثبت عن م وتاريخ بغداد.
(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٤ بتمامه.
(٥) الأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : أمكنوه.
(٦) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ٤١١.
(٧) باره : جربه (القاموس).