محاسنها سهام للمنايا |
|
مريّشة بأنواع الخطوب |
برى ريب المنون لهنّ سهما (١) |
|
تصيب بنصله نهج القلوب |
فأجبتها :
قفي شفتي في موضع الطبل ترتقي |
|
كما قد أبحت الطبل في جيدك الحسن |
هبيني عودا أجوفا تحت شنّة (٢) |
|
تمتّع فيما بين نحرك والذقن |
فلما سمعت الشعر مني نزعت الطبل ، فرمت به في وجهي ، وبادرت إلى الخباء ، فدخلت ، فلم أزل واقفا إلى أن حميت الشمس على مفرق رأسي ، لا تخرج إليّ ولا ترجع إلي جوابا ، فقلت : أنا معها والله كما قال الشاعر :
فو الله يا سلمى لطال إقامتي |
|
على غير شيء يا سليمى أراقبه |
ثم انصرفت (٣) سخين العين ، قريح (٤) القلب ، بهذا الذي ترى به من التغير من عشقي لها ، فضحك الرشيد حتى استلقى وقال : ويحك يا عبد الملك ابن ست وتسعين سنة يعشق؟ قلت : قد كان هذا يا أمير المؤمنين ، قال : يا عباسي ، فقال الفضل بن الربيع : لبيك يا أمير المؤمنين ، فقال : أعط عبد الملك مائة ألف درهم ، وردّه إلى مدينة السلام ، فانصرفت ، فإذا خادم يحمل شيئا ، ومعه جارية تحمل شيئا ، فقال : أنا رسول بنتك ـ يعني الجارية التي وصفتها ـ وهذه جاريتها وهي تقرأ عليك السلام وتقول : إن أمير المؤمنين أمر لي بمال وثياب ، هذا نصيبك منها ، فإذا المال ألف دينار ، وهي تقول : لن نخليك من المواصلة بالبر ، فلم تزل تتعهدني (٥) بالبر الواسع الكثير حتى كانت فتنة محمّد ، فانقطعت أخبارها عني ، وأمر لي الفضل بن الربيع من ماله بعشرة آلاف درهم.
أخبرنا أبو السعود بن المجلي ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، نا أبو الفضل محمّد بن الحسن ، نا محمّد بن القاسم الأنباري ، حدثني أبي ، نا الحسن بن عليل العنزي ، نا أبو عثمان المازني ، قال :
سمعت أبا عبيدة يقول : أدخلت على الرشيد ، فقال لي : يا معمر بلغني أن عندك كتابا
__________________
(١) بالأصل : «لهم سلما» وفي م : «لهم سهاما» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) الشنة : القربة الخلق.
(٣) عن م وتاريخ بغداد ، وبالأصل : انصرف.
(٤) الأصل وم : فرح ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) الأصل وم : «يزل يعهدني» والمثبت عن تاريخ بغداد.