دخلت على جعفر بن يحيى بن خالد يوما من الأيام ، فقال لي : يا أصمعي هل لك من زوجة قلت : لا ، قال : فجارية؟ قلت : جارية للمهنة ، قال : فهل لك أن أهب لك جارية نظيفة؟ قال : إنّي لمحتاج إلى ذلك.
فأمر بإخراج جارية إلى مجلسه ، فخرجت جارية في غاية الحسن والجمال والهيئة والظرف ، فقال لها : قد وهبتك لهذا ، وقال : يا أصمعي ، خذها ـ وقال ابن كادش : خذ بيدها ـ فشكرته ، وبكت الجارية ، وقالت : يا سيدي تدفعني إلى هذا الشيخ مع ما أرى من سماجته وقبح منظره؟ وجزعت جزعا شديدا.
فقال : يا أصمعي هل لك أن أعوّضك منها ألف دينار؟ قلت : ما أكره ذلك ، فأمر لي بألف دينار ، ودخلت الجارية ، فقال لي : يا أصمعي إنّي أنكرت على هذه الجارية أمرا فأردت عقوبتها بك ، ثم رحمتها منك ، فقلت : أيها الأمير ، فألّا أعلمتني قبل ذلك فإنّي لم آتك حتى سرّحت لحيتي وأصلحت عمّتي ، ولو عرفت الخبر لحضرت على هيئة خلقتي ، فو الله لو رأتني كذلك لما عاودت شيئا تنكره منها أبدا ما بقيت.
أخبرنا أبو منصور بن زريق ، أنا ـ وأبو الحسن بن سعيد ، نا ـ أبو بكر الخطيب (١) ، أنا الأزهري ، أنا محمّد بن العباس الخزّاز ـ على شك دخلني فيه ـ نا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله ، قال : سمعت إبراهيم الحربي يقول : كان أهل البصرة أهل العربية منهم أصحاب الاهواء إلّا أربعة ، فإنهم كانوا أصحاب سنّة : أبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، ويونس بن حبيب ، والأصمعي.
قال (٢) : وأنا البرقاني ، أنا الحسين بن علي التميمي ، نا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني ، قال : سمعت أبا أمية يقول : سمعت أحمد بن حنبل يثني على الأصمعي في السنّة.
قال : وسمعت علي بن المديني يثني عليه.
قال (٣) : وأخبرني عبد الله بن أبي بكر بن شاذان ، أنا أبي ، أنا أبو عمرو عثمان بن محمّد بن أحمد بن هارون السّمرقندي ـ بتنّيس ـ نا أبو أمية محمّد بن إبراهيم الطّرسوسي ، قال : سمعت أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين يثنيان على الأصمعي في السنّة.
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٨.
(٢) القائل : أبو بكر الخطيب ، الخبر فى تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٨ و ٤١٩.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، الخبر فى تاريخ بغداد ١٠ / ٤١٨ و ٤١٩.