ابن سعد ، ومالك بن أنس ، وسفيان بن عيينة ، وموسى بن أعين ، وإسماعيل بن عياش ، ويحيى بن حمزة ، وأبى إسحاق الفزاري ، ومخلد بن الحسين فى أمرهم فأجابوه ، وكان فيما كتب به الليث بن سعد : أن أهل قبرس قوم لم نزل نتهمهم بغش أهل الإسلام ومناصحة أعداء الله الروم ، وقد قال الله تعالى (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) ولم يقل لا تنبذ إليهم حتى تستيقن خيانتهم ، وإنى أرى أن تنبذ إليهم وينظروا سنة يأتمرون ، فمن أحب منهم اللحاق ببلاد المسلمين على أن يكون ذمة يؤدى الخراج قبلت ذلك منه ، ومن أراد أن ينتحى إلى بلاد الروم فعل ، ومن أراد المقام بقبرس على الحرب أقام فكانوا عدوا يقاتلون ويغزون ، فإن فى إنظار سنة قطعا لحجتهم ووفاء بعهدهم.
وكان فيما كتب به مالك بن أنس : أن أمان أهل قبرس كان قديما متظاهرا من الولاة لهم ، وذلك لأنهم رأوا أن إقرارهم على حالهم ذل وصغار لهم وقوة للمسلمين عليهم بما يأخذون من جزيتهم ويصيبون به من الفرصة فى عدوهم ، ولم أجد أحدا من الولاة نقض صلحهم ولا أخرجناهم عن بلدهم ، وأنا أرى : أن لا تعجل بنقض عهدهم ومنابذتهم حتى تتجه الحجة عليهم ، فإن الله يقول (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) فإن هم لم يستقيموا بعد ذلك ويدعوا غشهم ورأيت أن العذر ثابت منهم أوقعت بهم ، فكان ذلك بعد الأعذار فرزقت النصر ، وكان بهم الذل والخزي إن شاء الله تعالى.
وكتب سفيان بن عيينة : أنا لا نعلم النبي صلىاللهعليهوسلم عاهد قوما فنقضوا العهد إلا استحل قتلهم غير أهل مكة فإنه من عليهم وكان نقضهم أنهم نصروا حلفاءهم على حلفاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم من خزاعة ، وكان فيما أخذ على أهل نجران أن لا يأكلوا الربا فحكم فيهم عمر ـ رحمهالله ـ حين أكلوه باجلائهم فإجماع القوم أنه من نقض عهدا فلا ذمة له.