السجن والديوان فكانوا إذا غزوا نزعوا ذلك القصب وحزموه ووضعوه حتى يرجعوا من العزو ، فإذا رجعوا أعادوا بناءه فلم تزل الحال كذلك ، ثم أن الناس اختطوا وبنوا المنازل ، وبنى أبو موسى الأشعرى المسجد ودار الأمارة بلين وطين وسقفها بالعشب وزاد فى المسجد ، وكان الإمام إذا جاء للصلاة بالناس تخطاهم إلى القبلة على حاجر ، فخرج عبد الله بن عامر ذات يوم من دار الأمارة يريد القبلة وعليه جبة خز دكناء فجعل الأعراب يقولون على الأمير جلد دب.
وحدثني أبو محمد الثوري عن الأصمعى ، قال : لما نزل عتبة بن غزوان الخريبة ، ولد بها عبد الرحمن بن أبى بكرة ، وهو أول مولود بالبصرة فنحر أبوه جزورا أشبع منها أهل البصرة ، ثم لما استعمل معاوية بن أبى سفيان زيادا على البصرة زاد فى المسجد زيادة كثيرة وبناء بالآجر والجص وسقفه بالساج ، وقال : لا ينبغي للإمام أن يتخطى الناس فحول دار الإمارة من الدهناء إلى قبلة المسجد فكان الإمام يخرج من الدار فى الباب الذي فى حائط القبلة ، وجعل زياد حين بنى المسجد ودار الإمارة يطوف فيها وينظر إلى البناء ثم يقول لمن معه من وجوه أهل البصرة أترون خللا فيقولون ما نعلم بناء أحكم منه فقال بلى هذه الأساطين التي على كل واحدة منها أربعة عقود لو كانت أغلظ من سائر الأساطين ، وروى عن يونس بن حبيب النحوي ، قال : لم يؤت من تلك الأساطين فقط تصديع ولا عيب ، وقال حارثة بن بدر الغدانى ، ويقال بل قال ذلك البعيث المجاشعي :
بنى زياد لذكر الله مصنعة |
|
من الحجارة لم تعمل من الطين |
لو لا تعاون أيدى الأنس ترفعها |
|
إذا لقلنا من أعمال الشياطين |
وقال الوليد بن هشام بن قحذم لما بنى زياد المسجد جعل صفته المقدمة