الناس ينظرون إليه حتى وقف على معن ثم قال للرسول : أن أمير المؤمنين أمرنى أن أطيع أمرك فيه فمرني بما شئت ، فقال الرسول أدع لى بجامعة أعلقها فى عنقه فأتى بجامعة فجعلها فى عنقه وجبذها جبذا شديدا ، ثم قال للمغيرة أحبسه حتى يأتيك فيه أمر أمير المؤمنين ففعل ، وكان السجن يومئذ من قصب فتمحل معن للخروج وبعث إلى أهله أن ابعثوا لى بناقتي وجاريتي وعباءتى القطوانية ففعلوا فخرج من الليل وأردف جاريته ، فسار حتى إذا رهب أن يفضحه الصبح أناخ ناقته وعلقها ، ثم كمن حتى كف عنه الطلب.
فلما أمسى أعاد على ناقته العباءة وشد عليها وأردف جاريته ، ثم سار حتى قدم على عمر وهو موقظ المتهجدين لصلاة الصبح ومعه درته ، فجعل ناقته وجاريته ناحية ثم دنا من عمر فقال. السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، فقال : وعليك. من أنت؟ قال : معن بن زائده جئتك تائبا ، قال : أبت فلا يحيك الله ، فلما صلى صلاة الصبح ، قال للناس :مكانكم ، فلما طلعت الشمس ، قال : هذا معن بن زائدة انتقش على خاتم الخلافة فأصاب فيه مالا من خراج الكوفة فما تقولون فيه ، فقال قائل : اقطع يده ، وقال قائل : أصلبه وعلى ساكت فقال له عمر : ما تقول أبا الحسن قال : يا أمير المؤمنين رجل كذب كذبة عقوبته فى بشره فضربه عمر ضربا شديدا ـ أو قال مبرحا ـ وحبسه فكان فى الحبس ما شاء الله ثم أنه أرسل إلى صديق له من قريش أن كلم أمير المؤمنين فى تخلية سبيلي ، فكلمه القرشي ، فقال يا أمير المؤمنين معن بن زائدة قد أصبته من العقوبة بما كان له أهلا ، فإن رأيت أن تخلى سبيله ، فقال عمر : ذكرتني الطعن وكنت ناسيا ، على بمعن فضربه ثم أمر به إلى السجن فبعث معن إلى كل صديق له : لا تذكرونى لأمير المؤمنين ، فلبث محبوسا ما شاء الله ثم أن