وَالْمَغارِبِ) [سورة المعارج ، الآية : ٤٠] والمشرقان مشرقا الشّتاء والصّيف ، وكذلك المغربان مغرباهما ، والمشارق مشارق الأيام ، وهي جميعا بين المشرقين ، وكذلك المغارب هي مغارب الأيّام وهي بين المغربين ، فمشرق الصّيف مطلع الشّمس في أطول يوم من السّنة.
قال أبو حنيفة : وذلك قريب من مطلع السّماك الرّامح ، بل مطلع السّماك الرّامح أشدّ ارتفاعا في الشّمال منه قليلا. وكذلك مغرب الصّيف هو على نحو ذلك من مغرب السّماك الرّامح ، ومشرق الشّتاء مطلع الشّمس في أقصر يوم من السّنة ، وهو قريب من مطلع قلب العقرب ، بل هو أشدّ انحدارا في الجنوب من مطلع قلب العقرب قليلا ، وكذلك مغرب الشّتاء على نحو ذلك من مغرب قلب العقرب. فمشارق الأيّام ومغاربها في جميع السّنة بين هذين المشرقين والمغربين.
فإذا طلعت الشّمس من أخفض مطالعها في أقصر يوم من السّنة لم تزل بعد ذلك ترتفع في المطالع ، فتطلع كلّ يوم من مطلع فوق مطلعها بالأمس ، طالبة مشرق الصّيف فلا تزال على ذلك حتى تتوسّط المشرقين ، وذلك عند استواء اللّيل والنّهار في الرّبيع ، فذلك مشرق الاستواء ، وهو قريب من مطلع السّماك الأعزل ، بل هو أميل منه قليلا إلى مشرق الصّيف من مطلع السمّاك الأعزل.
ثم تستمرّ على حالها من الارتفاع في المطالع إلى أن تبلغ مشرق الصّيف الذي هو منتهاه ، فإذا بلغته كرّت راجعة في المطالع منحازة نحو مشرق الاستواء ، حتّى إذا بلغته استوى اللّيل والنّهار في الخريف ، ثم استمرّت منحدرة حتى تبلغ منتهى مشارق الشّتاء الذي هو منتهاه. فهذا دأبها ، وكذلك شأنها في المغارب على قياس ما بيّناه في المطالع.
فأمّا القمر فإنّه يتجاوز في مشرقيه ومغربيه مشرقي الشّمس ومغربيها ، فيخرج عنهما في الجنوب والشّمال قليلا ، فمشرقاه ومغرباه أوسع من مشرقي الشّمس ومغربيها ، وإذا أهلّ الهلال في منزلة من المنازل أهلّ في الشّهر الثّاني في المنزلة الثّالثة ، ثم لا يزال بعد مهلّه ينقل كلّ ليلة إلى منزلة ، حتّى يستوفي منازله في ثمان وعشرين ليلة ثم يستسر ، فلا يرى حتى يهلّ.
فربما كان حلوله المنازل بالمقارنة لها إمّا بالمجامعة ، وإمّا بالمحاذاة من فوقها أو أسفل منها ، وذلك المكالحة ، يقال : كالح القمر وربّما قصر واقتحم فنزل بالفرج والفرجة ما بين المنزلين ، ويقال له الوصل أيضا ، وهو يغيب في ليلة مهلّه في أدنى مفارقته الشّمس لستّة أسباع تمضي من اللّيل.
ثم يتأخّر غروبه كلّ ليلة مقدار ستّة أسباع حتّى يكون غروبه في اللّيلة السّابعة نصف