الأرض تميّز منه اللّطيف فصار هواء ، والغليظ هو الذي يكون منه النّدى والمطر.
وقال أبو زياد الكلابي : إذا احتبس المطر اشتدّ البرد. فإذا مطر الناس مطرة كان البرد بعد ذلك فرسخ ، أي سيكون من قولهم تفرسخ عنّي المرض وإنما سمّي الفرسخ فرسخا لأنّه إذا مشي صاحبه استراح عنه وجلس.
وروى الأصمعيّ عن المنتجع بن نبهان أنّ شيخا من العرب كان في غنيمة له ، فسمع صوت رعد فتحوّف المطر ، وهو ضعيف البصر ، فقال لأمة ترعى معه : كيف ترين السّماء؟
فقالت : كأنّها ظعن مقبلة ، فقال : ارعي. ثم قال : كيف ترين السّماء؟ قالت : كأنها بغال دهم تجرّ جلالها ، قال : ارعي. ثم قال : كيف ترين السّماء؟ قالت : كأنّها ثروب مغزى هزلى ، فكأنّها بطون حمير صحر. قال : انجي ولأنجأ بك ، فلجأ إلى كهف وأدخل غنمه ، وجاءت السّماء بما لا يقام ليلة ، فقال الشّيخ : هذا والله كما قال عبيد :
فمن بنجوته كمن بعقوته |
|
والمستكنّ كمن يمشي بقرواح |