محفوفة بالجحافل الململمة ، والكتائب المسوّمة ، ينم على أبوابها الأحبوش ، وتهز الآل ينم الأسد على الأشبال ، وتحوص لربّها الآمال ، في الأموال ، فتأذى ثات ، وماذ وثات الأسد الضّرغام ، الأبلج القمقام ، الملك الهمام ، يخضع لبيته الأذقان ، وتذعر لهيبته الجنان ، عطاؤه غمر ، وأخذه قهر ، وسلامه إنعام ، ومحاله اصطلام ، عمل بذلك سبعين خريفا ، وأعين الحوادث عنه مغضية ، ثم شصاءه إليه يوم من الدّهر ، كدر المعاش ، وبدّد شمل الريّاش ، ثم اقتعد مطيّ تلك النّعمة ، ذو هلاهلة تقمع الأضداد ، وغمر الأنداد ، وأنشأ المصانع ، وبثّ الصّنائع ، فغيّر بذلك أربعين حجة وسبعا ، لا تروعه حادثة ولا يعتن له عاتنة ، ولا تعرض له هاتنة.
ثم كشّرت له عن أنيابها أم اللّميم ، فرمته بأقصد سهامها ، ورهقتهم بأفظع أيامها فحطّتهم عن وثابه ، دون حجابه ، ومصارع أبوابه ، ولم يمنعه العز الصّم ، ولا العدير الدّهم ، ثم سحب والله الزّمان على آثارهم ذيول البلاء ، وطحنهم بكلاكل الفناء ـ فأصبحت الآثار بائدة ـ والعزّة هامدة ـ وفي ذلك يقول شاعر من غابرهم :
خلق النّاس سوقة وعبيدا |
|
وخلقنا الملوك والأربابا |
كان ذو ثات الهمام ربيعا |
|
يحسب النّاس سيبه أحسابا |
وطىء الأرض بالجنود اقتدارا |
|
واقتسارا حتّى أذلّ الصّعابا |
حوله الصّهب والجعاد يخالو |
|
ن لدى بابه اللّيوث الغضابا |
وتغضّ العيون من دونه الأملا |
|
ك مائدا وتحنو الرّقابا |
فرماني الزّمان منه بيوم |
|
غادر المعمر الخصيب يبابا |
فكأنّ الجموع والعدد الدّهم |
|
وذاك النّعيم كان ترابا |
ثم قال لي : عليك تلك الثّنية فأسند فيها ، فإذا فرعتها فمثلت لك الخورمات ـ على المازم ، فتنكّبها ذات اليمين ، فهناك الطريق ثم غاب عنّي فلم أره بعد.
تفسير الألفاظ الغريبة
الماء المعين : الظّاهر وينتعان : يقطران. ويقال : (وضح الرّاكب) : وأوضح أي طلع ، واللهجم : البين ، واللّقم : الطّريق ، والأريب : ريح تهب متنكّبة بين الصّبا والجنوب ، فإذا هبّت من تحت مطلع سهيل فهي الجنوب الخالصة. وقوله : (قوادم الفجر) : يعني جناحه ، والغوط الملطاط : ما اعترض من الأرض في الغائط وحجب ما وراءه ، وطفل الأصيل : أي أقبلت في الظّلمة ، وطخطخ اللّيل بصري : أي سترت الظّلمة عيني ، تهور اللّيل : أدبر ، والثّائبة : الزّحر ، فثأ : سكن ، تشيزني : تقلقني. والإكساء : الماخير الواحد