فقيههم : إذا طلع النّجم ـ ويراد به الثّريا تقي اللّحم ـ وخيف السّقم ـ وجرى السّراب على الأكم. وقيل أيضا : إذا طلع النّجم جعلت الهواجر تحتد ، والعانات تكتدم ، وقيل : طلع النّجم غدية ، وابتغى الرّاعي شكيه ، وحكى الكلابي طلع النّجم غديا وابتغى الرّاعي شقيا ، يجوز أن يكون شقوى لغة في شكوى ، ويكون الشكوى بمعنى الشكوة ، وقيل أيضا : طلع النّجم عشاء ، وابتغى الرّاعي كساء ، وقيل أيضا : إذا الثّريا طلعت عشاء قبع الرّاعي الغنم كساء.
وحكى أبو زياد : إذا أمسى النّجم يقبل فشهر فتى وشهر جمل. وقيل أيضا : إذا أمسى النّجم يدبر ـ فشهر نتاج وشهر مطر ، وإذا أمسى الثّريا قم رأس. فليلة فتى وليلة فاس ـ ومما يحفظ من كلام لقمان بن عاد : إذا أمست الثّريا قم رأس ففي الدّثار فاحنس ، وعظاماها فاحدس وأنهس بليل وأنهس ، وإن سئلت فاعبس ومما سير فيها قوله :
إذا ما قارن القمر الثّريا |
|
بخامسة فقد ذهب الشّتاء |
وحكى النّضر في صدر هذا الباب : أضاءت ذكاء ـ وانتشر الدّعاء ـ وإذا طلعت العقرب ، وهي أول بروج الشّتاء ـ جمس المذنب ومات الجندب وفرفر الأشيب.
إذا طلع الدّبران توقّدت الحزان ، وهي ظواهر صلبة من الأرض ليست بجبال ، ويبست الغدران واستعرت النّيران ، واستنعرت الذيان ـ ورمت بأنفسها حيث شاءت الصّبيان.
وإذا طلعت الهقعة تقوّض النّاس للقلعة ورجعوا إلى النّجعة وأورست الفقعة وأرذقنها المنعة.
وإذا طلعت الجوزاء توقّدت المغراء وأوفى على عوده الحرباء ، وكنست الظّباء ، وعرقت العلباء وطاب الخباء. ويروى انتصب العود في الحرباء ، وإنّما ذكرت الجوزاء مع الهقعة لأنّها رأسها.
وإذا طلعت الذّراع حسرت الشّمس القناع ، وأشعلت في الأفق الشّعاع ، وترقرق السّراب بكلّ قاع.
وإذا طلعت الشّعرى نشف الثّرى ، وأجن الصّرى ، وجعل صاحب النخل يرى. وقال بعضهم : إنما ذكر الشّعرى مع الذّراع لأنّها أحد كوكبيها وقيل :
إذا طلعت الشّعرى سقرا ، ولم تر مطرا ، فلا تغدونّ إمرة ولا أمرا. وأرسل العراضات ببغيتك في الأرض معمرا.
وإذا طلعت النّثرة قنأت البسرة ، وجنى النخل بكرة ، وأدّت المواشي حجره ولم تترك في ذات درّ قطرة.