مسعود جمالة ، وقرئ جمالات وهو أكثر في القراءة وأقوى ولا تمنع في قراءة ابن مسعود أنّها الطائفة منها ، ويراد بالجمالات الطّوائف ، وهذا كما يقال : جمال ، وجمالان ، قال : عند التفرق في الهيجاء جمالان ، ويكون جمالات ، وجمال كحبال ، وحبالات ، وبيوت ، وبيوتات للطّوائف ، وقد قيل : رجال ورجالة كرجالات في كلامهم يريدون ما فسرت وبينت لأنّ رجال نهاية الجمع ورجالة إذا جعلتها للطّائفة فهي دونه ، ومعنى صفر سود قال : هي صفر ألوانها كالزّغب.
وقد قيل : جعلها صفرا لأنّ لون النّار إلى الصّفرة قوله تعالى : (بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) [سورة المرسلات ، الآية : ٣٢] قيل فيه : واحد القصور والتّشبيه بها لعظمها ، وقيل : القصر بسكون الصاد جمع قصرة ، وهي الغليظ من الشّجر وقرئ كالقصر بفتح الصاد وهي أعناق الإبل. فأما تكرير التّشبيه وجعلها أولا كالقصر وفي الثاني كالجمالات فكأنه أراد بالقصر الجنس فتحصل الموافقة لأنّ الجنس كالجمع في الدلالة على الكثرة ؛ أو أراد تشبيه الشّررة الواحدة بالقصر ، فإذا توالت شررا كثيرا فهي كالجمالات ، فعلى هذا حصل التّشبيه للواحد وللجمع والله أعلم.
وقوله تعالى : (لا ظَلِيلٍ) فهو كقولهم : داهية دهياء ، ونهار أنهر ، وليل أليل ، وليلة ليلاء يتبعون الشيء بصفة مبنية منه. والمراد المبالغة والتأكيد. وقال : (ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) [سورة المراسلات ، الآية : ٣٠] لأنها محيطة بأهلها من جميع الجوانب إلّا القفاء لأنها لا تقفى نفسها وعلى هذا كل ذي ظل إذا تأملته ويشهد للإحاطة قوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [سورة الزمر ، الآية : ١٦]. وقال تعالى : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [سورة العنكبوت ، الآية : ٥٥] ، وقال بعض أصحاب المعاني : في (ثلاث شعب) المراد أنه غير ظليل ، وأنه لا يغني من اللهب وأنّها ترمي بالشّرر كالقصر ، وتحصيل هذا ذي ثلاث صفات.
ومنه قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) [سورة الواقعة ، الآية : ٧٥] إلى (الْعالَمِينَ) قوله : (فَلا أُقْسِمُ) يجوز أن يكون قوله : (فَلا) نفيا لشيء قد تقدّم ، وتكون الفاء عاطفة عليه وابتداء اليمين من قوله : (أُقْسِمُ) ويجوز أن تكون لا دخلت مؤكّدة نافية كما جاء في قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [سورة الحديد ، الآية : ٢٩] ، والمعنى لأن يعلم ، وقال بعضهم : لا دخلت لنفي الأقسام ، وقال لأنّ الإيمان يتكلّفها المتكلم تأكيدا للإخبار ، وإزالة لما يعترض فيها من التّجوز والتّسمح ؛ وإذا كان الأمر على هذا فقوله : (فَلا أُقْسِمُ) يجوز أن يراد به أنّ المحلوف له في الظّهور وخلوصه من الشّك أبين وأوضح من أن