قال :
هجدنا ، فقد طال السّرى |
|
وقدرنا أنّ خنا الدّهر غفل |
يريد يومنا ومثل هجد ، وتهجّد قولهم حنث وتحنّث لأنّ معنى حنث لم يبر في اليمين ، ومعنى تحنث ألقى الحنث عن نفسه.
وهذا الأمر اختص به النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تفضيلا له على جميع الخلق. ومعنى نافلة لك عطاء لك وتكرمة لذلك أتبعه بقوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [سورة الإسراء ، الآية : ٧٩] أي افعل ذلك رجاء أن تثاب هذا الثواب العظيم.
وقيل في المقام المحمود إنّ المراد به الشفاعة للمذنبين ، والذي عليه الناس أنّ الدّلوك مغيب الشّمس ، ويذهب العرب لذلك إلى أنّ قول القائل :
هذا مقام قدمي رباح |
|
غدوة حتى دلكت براح |
يدل على صحة قولهم وأصله أنّ السّاقي يكتري على أن يسقي إلى غيبوبة الشّمس ، وهو في آخر النّهار يتبصّر هل غابت الشّمس. قوله : براح أي يضع كفه فوق عينه ويتبصر ، قال : ويسلم للحديث ما جاء أنّ ابن عباس قال : إنّ غسق اللّيل ظلمته الأولى للعشاء والمغرب ، فإذا زادت قليلا ، فهي السّدفة ، وقوله : (نافلة لك) ليست لأحد نافلة إلّا للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنه ليس من أحد إلا يخاف ذنوبه غيره فإنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فعمله نافلة.
ومنه قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) [سورة هود ، الآية : ١١٤] إلى (الْمُحْسِنِينَ) ، وقوله تعالى : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) [سورة المزمل ، الآية : ٢] الآية طرفا النهار النهار الفجر والعصر وكما ثنى الطرف هنا جمع في قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [سورة الحجر ، الآية : ٣٩] إلى (وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى) [سورة طه ، الآية : ١٣٠] لذلك اختلف النّاس فبعضهم جعله من أوقات الصلوات المفروضة ، والقائل بهذا يكون عنده الفجر من النّهار محتجا بأنه ابتداء الصوم لقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٧] والذين يخالفونه يجعلونه من اللّيل ، ويدعون أنّ ابتداء النّهار طلوع الشمس وانتهاءه غروبها ، وإذا زالت الشّمس انتصف النّهار فأما قوله تعالى : (وَأَطْرافَ النَّهارِ) [سورة الحجر ، الآية : ٣٩] فيجوز أن يجعل النهار للجنس حتى يصير له أطرافا ، ويجوز أن يجعل الجميع مستعارا للتثنية لأنّ أرباب اللغة قد توسعوا في ذلك ألا ترى قوله : يا ناحة ودخيلا ، ثم قال : طرفا فتلك لهما تنمى ، وكقوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [سورة التحريم ، الآية : ٤] وليس