نسب الجدي إلى الفرقد كما نسبه الآخر فقال يذكر المطايا :
تياسرن عن جدي الفراقد في السّرى |
|
ويا من شيئا عن يمين المغاور |
وهذا الجدي ليس من البروج ولا منازل القمر فهو لا يلقى القمر أبدا ، وكذلك بنات نعش ، لذلك قال بعضهم وهو يهجو :
أولئك معشر كبنات نعش |
|
خوالف لا تسير مع النّجوم |
خوالف : أي متخلّفة عن النّجوم ، والخالفة ما لا خير فيه فيقول : لا نفع عندهم ولا فائدة من جهتهم.
ويروى : ضواجع ومعناه : رواكد لا غناء عندهم ، كما أنّ بنات نعش لا نوء لها ولا نسب شيء إليها. وقال بشر بن أبي حازم في دورانها حول القطب :
أراقب في السّماء بنات نعش |
|
وقد دارت كما عطف الظّؤار |
يريد أنّه سهر ليلته كلّها إلى أن دارت بنات نعش وهي تنقلب في آخر اللّيل وخص بنات نعش لأنّها لا تغيب لذلك لا يجعلون الاهتداء بها وبالفرقدين. وقال الراعي شعرا :
لا يتّخذنّ إذا علونا مفازة |
|
إلّا بياض الفرقدين دليلا |
قال أبو حنيفة : فالكواكب الثّلاثة التي هي البنات وكوكبان من النّعش فيهما أحد الفرقدين ، هؤلاء الخمسة في شطر فيهما واحد كقوس ، وقد قابله شطر آخر مثله فيه كواكب خفيّة متناسقة ، أخذت من الجدي إلى الفرقدين حتى صار هذان الشّطران شبهان بخلقة السّمكة ، والنّاس يسمّونها بالفأس تشبها بفأس الرّحى التي القطب في وسطها ، يظنّون أنّ قطب الفلك في وسط هذه الصّورة. قال : وليس كذلك بل القطب بقرب الكوكب الذي يلي الجدي من هذا الشّطر الخفي الكواكب فوجدت هذه الكواكب أقرب كواكب السّماء كلّها من هذا القطب ، لم أجد بينه وبين القطب إلّا أقلّ من درجة واحدة. وليس القطب بكوكب بل هو نقطة من الفلك.
ومن الشآمية بنات نعش الكبرى ، وهي أيضا سبعة كواكب على عدد الصّغرى وفي شبيه تنظمها ثلاث بنات وأربعة نعش ، والعرب تسمّي الأوّل من البنات ، وهو الذي في الطّرف القائد : وتسمّي الأوسط العناق : وتسمّي الثّالث الذي يلي النّعش ، الجون : وإلى جانب الكواكب الأوسط منها كويكب صغير جدا يكاد يلزق به ويسمّى السّهى وبه جرى المثل في قولهم : أريه السّهى ويريني القمر ، ويقال له : الصّيدق ويعيش والنّاس يمتحنون به أبصارهم فمن ضعف بصره لم يره.