حديج وافدا إلى عمر بن الخطاب بشيرا (١) بالفتح ، فقال له معاوية : ألا تكتب معى (٢)؟ فقال له عمرو : وما أصنع بالكتاب : ألست رجلا عربيّا تبلغ الرسالة ؛ وما رأيت وحضرت!
فلما قدم على عمر أخبره بفتح الإسكندرية ، فخرّ عمر ساجدا ، وقال : الحمد لله.
وحدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، حدثنا موسى بن علىّ ، عن أبيه ، أنه سمعه يقول : سمعت معاوية بن حديج يقول : بعثنى عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية ، فقدمت المدينة فى الظهيرة ، فأنخت راحلتى بباب المسجد ، ثم دخلت المسجد ، فبينا أنا قاعد فيه إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب ، فرأتنى شاحبا علىّ ثياب. السفر ، فأتتنى ، فقالت : من أنت؟ قال : فقلت : أنا معاوية بن حديج ، رسول عمرو بن العاص ، فانصرفت عنّى ثم أقبلت تشتدّ ، أسمع (٣) حفيف إزارها على ساقها أو على ساقيها حتى دنت منى ، فقالت : قم فأجب أمير المؤمنين يدعوك ، فتبعتها (٤) ، فلما دخلت فإذا بعمر بن الخطاب يتناول رداءه بإحدى يديه ، ويشدّ إزاره بالأخرى ، فقال : ما عندك؟ فقلت : خير يا أمير المؤمنين ، فتح الله الإسكندرية. فخرج معى إلى المسجد ، فقال للمؤذّن أذّن فى الناس الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس ، ثم قال لى : قم فأخبر أصحابك.
فقمت فأخبرتهم ، ثم صلّى ، ودخل منزله ، واستقبل القبلة ، فدعا بدعوات ، ثم جلس ، فقال : يا جارية ، هل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت. فقال : كل ، فأكلت على حياء ؛ ثم قال : (٥) كل فإن المسافر يحبّ الطعام ، فلو كنت آكلا لأكلت معك ، فأصبت على حياء ، ثم قال : (٦) يا جارية ، هل من تمر؟ فأتت بتمر فى طبق ، فقال : كل. فأكلت على حياء ، ثم قال : ما ذا قلت يا معاوية حين أتيت المسجد؟ قال : قلته (٦) أمير المؤمنين قائل.
قال : بئس ما قلت أو بئس ما ظننت ، لئن نمت النهار لأضيّعنّ الرعيّة ، ولئن نمت الليل لأضيعنّ نفسى ، فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية؟.
__________________
(١) د ، ك : «بشيرا له».
(٢) د : «معى كتابا».
(٣) ج : «لم نسمع».
(٤) ب : «فاتبعتها».
(٥ ـ ٥) ساقط من طبعة عامر.
(٦) ب : «قلت إن».