وبنى عمرو بن العاص المسجد كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن الليث بن سعد ، وكان (١) ما حوله حدائق وأعنابا ، فنصبوا الحبال حتى استقام لهم ، ووضعوا أيديهم ، فلم يزل عمرو قائما حتى وضعوا القبلة ؛ وإن عمرا وأصحاب رسول لله صلىاللهعليهوسلم الذين وضعوها.
واتّخذ فيه منبرا كما حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن ابن لهيعة ، عن أبى تميم الجيشانى ، قال : فكتب إليه عمر بن الخطاب : أمّا بعد ؛ فإنه بلغنى أنك اتّخذت منبرا ترقى (٢) به (٣) على رقاب المسلمين ، أو ما بحسبك (٤) أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك! فعزمت عليك لمّا كسرته.
(٥) حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبى الخير ، أن أبا مسلم الغافقىّ صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يؤذّن لعمرو بن العاص ، فرأيته يبخّر المسجد (٦).
قال : واختلط الناس. حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، أخبرنا ابن وهب ، عن يحيى ابن أزهر ، عن الحجّاج بن شدّاد ، عن أبى صالح الغفارىّ ، قال : كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب : إنّا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع. فكتب إليه عمر : أنّى لرجل بالحجاز تكون له دار بمصر! وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين.
قال ابن لهيعة : هى دار البركة ، فجعلت سوقا ، فكان يباع فيها الرقيق. هكذا قال ابن لهيعة.
قال وأما الليث بن سعد ، فإن عبد الملك حدثنا عنه ، أن دار البركة خطّة لعبد الله ابن عمر بن الخطاب ، فسأله إيّاها عبد العزيز بن مروان ، فوهبها له ، فلم يثبه منها شيئا.
حدثنا أحمد بن عمرو ، حدثنا ابن وهب ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ،
__________________
(١) وكان ما حوله : (ب) «وكان بناء حوله».
(٢) ك : «ترقأ» هكذا ضبط قلم. وفى القاموس : رقأ فى الدرجة ، صعد. وهى المرقاة.
(٣) ترقى به : (ب) «ترقى فيه».
(٤) ب : «حسبك». د ، ك : «يحسبك».
(٥ ـ ٥) قارن بالسيوطى ج ١ ص ١٣٢ وهو ينقل عن ابن عبد الحكم ، وقد تحرف فيه الغافقى إلى اليافعى.