عتوّهم (١) وكفرهم ، فعجبت من ذلك ؛ وأعجب مما عجبت أنها لا تؤدىّ نصف ما كانت تؤدّيه من الخراج قبل ذلك على غير قحوط ولا جدوب ؛ ولقد أكثرت فى (٢) مكاتبتك فى الذي على أرضك من (٣) الخراج ، وظننت أن ذلك سيأتينا على عير نزر ، ورجوت أن تفيق فترفع إلىّ ذلك ؛ فإذا أنت تأتينى بمعاريض تغتالها (٤) لا توافق الذي فى نفسى ؛ ولست قابلا منك دون الذي كانت تؤخذ به من الخراج قبل ذلك. ولست أدرى مع ذلك ما الذي أنفرك من كتابى وقبّضك! فلئن كنت مجزئا كافئا صحيحا ، إن البراءة لنافعة (٥) ، وإن (٦) كنت مضيعا نطفا إنّ الأمر لعلى غير ما تحدّث به نفسك. وقد تركت أن أبتلى ذلك منك فى العام الماضى رجاء أن تفيق فترفع إلىّ ذلك ؛ وقد علمت أنه لم يمنعك من ذلك إلا عمّالك عمّال السّوء ، وما توالس عليه وتلفّف ؛ اتخذوك كهفا. وعندى بإذن الله دواء فيه شفاء عمّا أسألك عنه ؛ فلا تجزع أبا عبد الله أن يؤخذ منك الحقّ وتعطاه ؛ فإنّ النهز (٧) يخرج الدرّ ، والحقّ أبلج ، ودعنى وما عنه تلجلج ، فإنه قد برح الخفاء. والسلام.
قال : فكتب إليه عمرو بن العاص. بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عمرو بن العاص ؛ سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ؛ أما بعد ، فقد بلغنى كتاب أمير المؤمنين فى الذي استبطأنى فيه من الخراج ، والذي ذكر فيها من عمل الفراعنة قبلى (٨) ، وإعجابه من خراجها على أيديهم ، ونقص ذلك منها منذ كان الإسلام. ولعمرى للخراج يومئذ أوفر وأكثر ، والأرض أعمر ، لأنهم كانوا على كفرهم وعتوّهم أرغب فى عمارة أرضهم منّا منذ (٩) كان الإسلام. وذكرت أن النهز
__________________
(١) د : «مع شدتهم وعتوهم».
(٢) ك : «من».
(٣) أ ، ج ، د ، ك : «فى».
(٤) كذا فى طبعة تورى ، وقد استؤنس فيه بما ورد فى حديث عمر. أما فى المعاريض ما يغنى المسلم عن الكذاب. راجع لسان العرب مادة : عرض وفى المقريزى «تعبأ بها».
(٥) د : «لناقصة».
(٦) ب ، ج ، د ، ك : «ولئن»
(٧) ب ، ج ، د : «النهر»
(٨) د : «قبل»
(٩) ك : «مذ».