أرجو أن أجد السبيل إلى أن أحمل إليك فى البحر. ثم إن عمرا ندم على كتابه فى الحمل إلى المدينة فى البحر وقل : إن أمكنت عمر من هذا خرّب مصر ونقله (١) إلى المدينة. فكتب إليه : إنى نظرت فى أمر البحر فإذا هو عسر لا يلتأم ولا يستطاع. فكتب إليه عمر : إلى العاص بن العاص ، فقد بلغنى كتابك تعتلّ فى الذي كنت كتبت إلىّ به من أمر البحر ، وأيم الله لتفعلنّ أو لأقلعنّك بأذنك أو لأبعثنّ من يفعل ذلك ، فعرف عمرو أنه الجدّ من عمر بن الخطاب ففعل ، فبعث إليه عمر ألا تدع بمصر شيئا من طعامها وكسوتها وبصلها وعدسها وخلّها إلا بعثت إلينا منه.
قال ويقال : إنما دلّ عمرو بن العاص على الخليج رجل من قبط مصر. حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبى نجيح ، عن أبيه ، أن رجلا أتى إلى عمرو بن العاص من قبط مصر ، فقال : أرأيت (٢) إن دللتك على مكان تجرى فيه السفن ، حتى تنتهى إلى مكّة والمدينة ، أتضع عنى الجزية وعن أهل بيتى؟ قال : نعم ، فكتب إلى عمر ، فكتب إليه أن افعل ؛ فلما قدمت السفن الجار خرج عمر حاجا أو معتمرا ، فقال للناس : سيروا بنا ننظر إلى السفن التى سيّرها الله إلينا من أرض فرعون حتى أتتنا. فقال رجل من بنى ضمرة : فأفردنى السّير معه فى سبعة نفر فآوانا الليل إلى خيمة أعراب ، فإذا (٣) ببرمة تغطّى على النار ، فقال عمر : هل من طعام؟ فقالوا : لا إلا لحم ظبى أصبناه بالأمس ، فقرّبوه فأكل منه وهو محرم.
حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا وكيع بن الجرّاح ، عن هشام بن سعد ، عن زيد ابن أسلم ، عن عمرو بن سعد الجارىّ أن عمر أتى الجار ثم دعا بمناديل ثم قال اغتسلوا من ماء البحر فإنه مبارك.
قال غير أسد : فلما قدمت السفن الجار وفيها الطعام ، صكّ عمر للناس بذلك الطعام صكوكا ، فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها.
قال : فحدّثنى أبى عبد الله بن عبد الحكم ، اخبرنا ابن لهيعة ، عن أبى الأسود ، عن عروة بن الزبير ، قال : لقى عمر بن الخطاب العلاء بن الأسود ، فقال : كم
__________________
(١) د : «ونقل طعامعها وكسوتها».
(٢) ب : «أرأيتك».
(٣) ب : «فإذا نحن».