ربح حكيم بن حزام؟ فقال : ابتاع من صكوك الجار بمائة ألف درهم ، وربح عليها مائة ألف ، فلقيه عمر بن الخطاب فقال : يا حكيم ، كم ربحت؟ فأخبره بمثل خبر العلاء ، فقال عمر : فبعته قبل أن تقبضه؟ قال : نعم ، قال عمر : فإن هذا بيع لا يصلح ، فاردده ، فقال حكيم : ما علمت أن هذا لا يصلح ، وما أقدر على ردّه ، فقال عمر : ما (١) بدّ ، فقال حكيم : والله ما أقدر على ذلك وقد تفرّق وذهب ، ولكنّ رأس مالى وربحى صدقة.
حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، أن حكيم ابن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر للناس ، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه ، فسمع بذلك عمر فردّه عليه ، قال : لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه.
قال مالك : وبلغنى أن صكوكا خرجت للناس فى زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها (٢) ، فدخل زيد ابن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مروان ، فقالا له : أتحلّ بيع الربا يا مروان! فقال أعوذ بالله ، وما ذاك؟ قالا : هذه الصكوك يتبايعها الناس ثم يبيعونها قبل أن يستوفوها ، فبعث مروان الحرس يتبعونها ينتزعونه (٣) من أيدى الناس ويردّونها إلى أهلها.
وحدثنا أسد بن موسى ، حدثنا مهدى بن ميمون ، حدثنا سعيد الجريرىّ ، عن أبى نضرة ، عن أبى فراس ، أن عمر بن الخطاب خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيّها الناس إنه قد أتى علىّ زمان وأنا أحسب أن من قرأ القرآن إنما يريد به الله وما عنده ، وقد خيّل إلىّ بآخره أنه قد قرأه أقوام يريدون به الدنيا ويريدون به الناس ، ألا فأريدوا الله بأعمالكم وأريدوه بقراءتكم ، ألا إنما كنّا نعرفكم إذ ينزل الوحى وإذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أظهرنا ، وإذ ينبئنا الله من أخباركم ، فقد انقطع الوحى ، وذهب النبي صلىاللهعليهوسلم فإنما نعرفكم بما نقول لكم الآن (٤) ، من رأينا منه خيرا ظننّا به خيرا وأحببناه عليه ، ومن رأينا منه شرّا ظننّا به شرّا وأبغضناه عليه ، سرائركم فيما بينكم وبين ربّكم ، ألا إنّى إنما أبعث
__________________
(١) ب ، ج : «لا».
(٢) ج : «يستوفيها».
(٣) ب : «ينزعونها».
(٤) الآن : د «ألا». ك : «ألا إن».