وجسورها ، فذلك قوله عزوجل : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ)(١).
قال : والمقام الكريم المنابر كان بها ألف منبر*).
قال : وأما خليج الفيّوم والمنهى فحفرهما (٢) يوسف ـ عليهالسلام ـ وسأذكر كيف كان ذلك فى موضعه ، إن شاء الله.
وأمّا خليج سردوس فإن الذي حفره هامان.
حدثنا عبد الله بن صالح وعثمان بن صالح ، قالا : حدثنا ابن لهيعة ، عن يحيى بن ميمون الحضرمىّ ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، (٣) أنّ فرعون استعمل هامان على حفر خليج سردوس ، فلما ابتدأ حفرة أتاه أهل كلّ قرية يسألونه أن يجرى الخليج تحت قريتهم ، ويعطونه مالا ، قال : وكان يذهب به إلى هذه القرية من نحو المشرق ، ثم يردّه إلى قرية من نحو دبر القبلة ، ثم يردّه إلى قرية فى الغرب ، ثم يردّه إلى أهل قرية فى القبلة ، ويأخذ من أهل كلّ قرية مالا ، حتّى اجتمع له فى ذلك مائة ألف دينار ، فأتى بذلك يحمله إلى فرعون ، فسأله فرعون عن ذلك ، فأخبره بما فعل فى حفره ، فقال له فرعون : ويحك ، إنه ينبغى للسيّد أن يعطف على عباده (٤) ، ويفيض عليهم ولا يرغب فيما بأيديهم ، ردّ على أهل كلّ قرية ما أخذت ، منهم فردّه كلّه على أهله. قال : فلا يعلم بمصر خليج أكثر (٥) عطوفا منه لما فعل هامان فى حفره (٣).
وكان هامان كما حدثنا أسد ، عن خالد بن عبد الله ، عن محدّث حدّثه ، نبطيّا.
وكانت بحيرة الإسكندرية ـ كما حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد ـ كرما كلّها لامرأة المقوقس ؛ فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة عليهم ، فكثر الخمر عليها حتّى ضاقت به ذرعا ، فقالت : لا حاجة لى فى الخمر أعطونى دنانير ،
__________________
(١) الدخان : ٢٥ ، ٢٦.
(٢) طبعة عامر «فحفرها» تحريف.
(٣ ـ ٣) قارن بالسيوطى ج ١ ص ٤٤. وياقوت مادة «سردوس» والمقريزى ج ١ ص ٧٠ ـ ٧١ وهم ينقلون عن ابن عبد الحكم.
(٤) ب «عبيده».
(٥) د «أكبر».