في نشر دعوة الرسول «صلى الله عليه وآله» ، التي هي دعوة الحق والخير وشمولها ، وإن كان الإسلام الذي استفاد من تلك الخصائص والعادات والأخلاق قد حاول إلى جانب ذلك تركيزها من حيث المنطلقات والأهداف على أسس صحيحة ومقبولة ، وأما إن كانت مرفوضة إسلاميا ، فإنه ـ وإن كانت قد أفادته تلقائيا ، ومن دون أن يتطلب هو ذلك ـ كان يحاول القضاء عليها ، واستئصالها بالحكمة والموعظة الحسنة ، كلما سنحت له الفرصة ، وواتاه الظرف.
فمثلا : لقد استفاد الإسلام كثيرا من شجاعة العربي ، واستهانته بالصعاب ، في الدفاع عن الإسلام.
وأيضا ، فقد كان للتعصب القبلي بعض الفوائد الهامة ، حتى ليذكرون أنه بعد الهجرة إلى المدينة ؛ كان الأوس والخزرج : «يتصاولان مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» تصاول الفحلين ، لا تصنع الأوس شيئا فيه عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» غناء إلا قالت الخزرج : والله ، لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» في الإسلام ؛ فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها ، قال : وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأوس مثل ذلك» (١).
وأما قبل الهجرة في مكة ، فقد كان للقبلية أثر كبير في منع قريش وغيرها مدة طويلة من المضايقات لكثير ممن اعتنقوا الإسلام ، ثم من محاولة
__________________
(١) تاريخ الطبري ط الاستقامة ج ٢ ص ١٨٤ د وراجع الكامل لابن الأثير ط صادر ج ٢ ص ١٤٦.