الاعتداء على حياته «صلى الله عليه وآله» ، أو على حياة أكثر المسلمين آنذاك ، وإن كانت تواجههم بالمضايقات أحيانا ، وأحيانا بالتعذيب القاسي ، إن لم يكن لهم عشيرة يرهب جانبها ، حتى أذن الله تعالى لهم بالهجرة إلى المدينة.
ولذلك نلاحظ : أن أبا طالب «رحمه الله» قد استفاد كثيرا من العامل القبلي ، حتى إن بني هاشم مسلمهم وكافرهم قد قبلوا بمحاصرة قريش لهم ، وكانوا معه في شعب أبي طالب كما سيأتي.
وتجد في شعر أبي طالب الكثير من التأكيد على عامل القرابة بين بني هاشم وطوائف من قريش ، الأمر الذي كان له أثر كبير في حفظ حياته «صلى الله عليه وآله» من كيد أعدائه كما قلنا.
بل إننا نجد المشركين حتى في عدائهم له «صلى الله عليه وآله» ، وحتى حينما تآمروا عليه ليقتلوه ـ وكان ذلك هو سبب هجرته «صلى الله عليه وآله» ـ قد أخذوا بعين الاعتبار العلاقات القبلية ، وردّات الفعل التي سوف تنجم عنها فاختاروا عشرة أشخاص ، من كل قبيلة رجلا ، ليضربوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بسيوفهم في آن واحد وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
وفي المدينة أيضا كان ثمة أثر كبير لكرم ضيافة العربي ، ولوفائه بالعهد والذمار ، ولحسن الجوار ، ولحريته ، وحميته ، وأنفته وعزته ، واعتداده بنفسه ، وقوة إرادته ، وللشجاعة ، والإقدام ، وحتى لصفات القوة والغلظة ، التي ولدتها فيهم حياة الغزو والحرب ، وجعلتهم قادرين على التخلي عن العواطف في سبيل دينهم وعقيدتهم ، حتى لقد كانوا يقتلون أبناءهم ، وآباءهم ، وإخوانهم.