غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وخديجة ، وأنا ثالثهما.
أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة ، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه «صلى الله عليه وآله» ، فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الرنة؟
فقال : هذا الشيطان أيس من عبادته. إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي. ولكنك وزير ، وإنك لعلى خير» (١).
فقد دلت هذه الفقرة على :
أولا : أن الوحي قد نزل على النبي ، وأصبح «صلى الله عليه وآله» رسولا ، وبزغ فجر الإسلام في حضور علي «عليه السلام» ، وكان أول بيت تكوّن في الإسلام يضم رسول الله «صلى الله عليه وآله» وخديجة ، وعليا «عليه السلام» فقط ، فلو كانت فاطمة «عليها السلام» قد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات ، وكذلك لو كان أحد من أولاد النبي «صلى الله عليه وآله» غيرها قد ولد آنئذ ، لم يصح حصره «عليه السلام» أهل ذلك البيت بالنبي «صلى الله عليه وآله» ، وبخديجة ، بالإضافة إليه «عليه السلام».
ثانيا : إن هذا النص يدل على عدم صحة ما يدّعونه : من أنه «صلى الله عليه وآله» كان وحده في غار حراء ، وأنه قد خاف ، وعاد إلى خديجة يرجف فؤاده ، وأنها عرضت أمره على ورقة بن نوفل ، فأخبرها أن الذي يأتيه هو
__________________
(١) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج ٢ ص ١٥٧ الخطبة رقم (١٩١) ، وهي المساماة ب «القاصعة».