رابعا : يقول الشيخ المفيد «رحمه الله» : إن روايات نزول القرآن إلى البيت المعمور لا مجال لإثباتها من طريق أهل البيت «عليهم السلام» ، ولا إلى الاطمينان إلى صحتها (١).
وأما نزول القرآن أولا دفعة واحدة على قلبه «صلى الله عليه وآله» ، فإن إثباته مشكل ، ولا يمكن المصير إليه إلا بحجة.
ولكن عدم القدرة على إثبات ذلك بصورة قاطعة لا يعني أنه غير واقع أصلا ، وهذا كاف في زوال الإشكال ، ولزوم القبول بما ورد عن أهل البيت «عليهم السلام» من أن البعثة كانت في شهر رجب ، فلعل للقرآن نزولات متعددة ، باختلاف ما يقتضي ذلك.
خامسا : حديث نزول القرآن بعد البعثة بثلاث سنوات ، استنادا إلى ما ورد من أن القرآن قد نزل خلال عشرين سنة ، لا يمكن الاطمينان إليه ، إذ يمكن أن يكون ذلك قد جاء على نحو التقريب والتسامح ، ولم يرد في مقام التحديد الدقيق ـ ومن عادة الناس :
أن يسقطوا الزائد القليل ، أو أن يضيفوه في إخباراتهم ، وليس في ذلك أخبار بخلاف الواقع ؛ لأن المقصود هو الإخبار بما هو قريب من الحد ، لا بالحد نفسه ، مع إدراك السامع لذلك ، والتفاته إليه.
نعم ، يمكن أن تكون معاني القرآن وحقائقه قد نزلت على قلبه الشريف لكي يستفيد منها الرسول «صلى الله عليه وآله» في نيل مقامات القرب منه تعالى.
__________________
(١) تصحيح الإعتقاد ص ٥٨.