٣ ـ الشجاعة : وهي وإن كانت صفة حسنة في نفسها ، ولكنها إنما تفيد في اعتبارها فضيلة في الشخص بملاحظة الأهداف والموارد التي يستعملها فيها ، فإذا استعملت في مورد حسن كالذب عن الحرمات ، والجهاد في سبيل الله ، والمستضعفين ؛ فإن صاحبها يستحق لأجلها مدحا ، وإلا فذما ، ولهذا فليس هناك أشجع من الأسد ، ولكن ذلك لا يعتبر فضيلة له.
ولعل مما يساعد على نشوء الشجاعة لدى الإنسان العربي هو بيئته وحياته في الصحراء ، بلا حواجز وموانع طبيعية أو غيرها ، ومواجهتهم الخطر المستمر من الحيوان ، ومن بني الإنسان على حد سواء ، يشعر كل فرد منهم : أنه مسؤول عن حماية نفسه ، والدفاع عنها بنفسه ، ولا يرد عنه إلا يده وسيفه ، ما دام أنه في كل حين عرضة للغزو ، والنهب ، والسلب ، وأخذ الثارات منه.
هذا بالإضافة إلى أنه لا يأكل في كثير من الأحيان إلا من سيفه ويده ، وإلا فإنه هو نفسه يكون عرضة لأن يؤكل ، فمن لم يكن شجاعا فاتكا أكل ، أو على الأقل لم يستطع أن يأكل ، فكأنهم يتعاملون بمنطق : إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب.
وبعد فهل يمدح الذئب على فتكه بفريسته ، وتمزيقه لها؟! إلا إذا كان هذا الفتك من منطلق الدفاع عن المثل أو القيم ، أو عن الضعيف الذي يحتاج إلى الناصر ، أو ما إلى ذلك.
٤ ـ النجدة والإقدام : ولا يختلف الكلام في ذلك عن الكلام في الشجاعة ، إلا أننا نشير هنا إلى أن ما يشجع على ذلك هو اطمئنان العربي إلى أنه غير مسؤول عما يعمل ، بل هو منصور من قبل قبيلته على كل حال ، ظالما