أن زيد الخيل حين يطلب منه البعض عطاء ، قد وعده بالعطاء بعد أن يشن الغارة ، فلما شن الغارة على بني نمير بالملح وأصاب مائة بعير ، أعطاه إياها (١).
مع أن شن الغارة معناه التسبب بقتل الرجال وحتى الأطفال والنساء والشيوخ الذين قد تسحقهم حوافر الخيل ، ثم سبي من يبقى منهم على قيد الحياة ، والاستيلاء على أموالهم ، وهدر كراماتهم.
وزيد الخيل هو من رجال العرب المعروفين ، ويضارع حاتم الطائي في الشهرة والسؤدد.
هذا ، ولا بد من الإشارة أخيرا إلى أن عجز البدوي تجاه قوى الطبيعة القاسية ، التي تستولي على الصحراء ، من شأنه أن يولد فيه الشعور بضرورة الالتزام بأمر الضيافة ، وضرورة البذل ، إذ لا يمكنه حمل قوته في أسفاره الشاقة والطويلة التي قد تمتد عشرات الأيام ، وهو مضطر إلى السفر بين حين وآخر بحثا عن الماء والكلأ ، ولغير ذلك من أمور.
٢ ـ عصبيتهم للقبيلة وللعشيرة ، وهذه في الحقيقة صفة ذميمة ، إذ إنهم يرون أن النصر لا بد أن يكون لذوي قرابتهم ، ولابن قبيلتهم ، وأن العون لا بد أن يمحض له ، ظالما كان أو مظلوما.
وقد نعى القرآن عليهم ذلك ، وعبر عنها ب (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ)(٢) ، لأنها مبنية على الجهل ، وعدم التثبت.
وقد تقدم ما يشير إلى سر نشوء ذلك فيهم ، فلا نعيد.
__________________
(١) الأغاني (ط دار إحياء التراث العربي بيروت) : ج ١٧ ص ٢٥٥.
(٢) الآية ٢٦ من سورة الفتح.