الإسلام وعرض عليه ، فقال الجارود : إني قد كنت على دين ، وإنّي تارك ديني لدينك ، أفتضمن لي ديني؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنا ضامن لك ، ان قد هداك الله إلى ما هو خير منه» [١٢٤٦٧] ، ثم أسلم الجارود ، فحسن إسلامه ، وكان غير مغموص عليه ، وكان الجارود قد أدرك الردة ، فلما رجع قومه مع المعرور بن المنذر بن النعمان قام الجارود فشهد شهادة الحق ، ودعا إلى الإسلام ، وكان له من الولد : المنذر ، وحبيب ، وعتّاب ، وأمّهم أمامة بنت النعمان بن الحصان (١) من جذيمة ، وكان ولده أشرافا ؛ كان المنذر بن الجارود سيّدا جوادا ، ولّاه علي بن أبي طالب إصطخر ، فلم يأته أحد إلّا وصله ، ثم ولّاه عبيد الله بن زياد ثغر الهند ، فمات هناك سنة إحدى وستين ، أو أول سنة اثنتين وستين ، وهو يومئذ ابن ستين سنة.
وذكر غيرهما أن المنذر بن الجارود قتل في ولاية الحجّاج على العراق ، ولا أراه محفوظا.
أخبرنا أبو الحسين محمّد بن كامل بن ديسم ، أنا محمّد بن أحمد بن المسلمة ـ في كتابه ـ أنا محمّد بن عمران بن موسى ـ إجازة ـ نا ابن دريد ، أنا السكن بن سعيد ، عن محمّد ابن عباد ، عن ابن الكلبي قال :
ولّى (٢) عبيد الله بن زياد المنذر بن الجارود أبا الأشعث العبدي ثغر السند ، فلما خرج شيعه عبيد الله وتعلق لواءه بشيء فاندق ، فقال عبيد الله : إنّا لله ، لا يرجع والله المنذر إليكم أبدا ، فمات بقصدار (٣) من أرض الهند ، ولم تكن المنصورة أحدثت إذ ذاك ، إنّما أحدثها الحكم بن عوانة الكلبي ، فقال لأصحابه الشاميين : ما اسمها؟ قالوا : تدمر ، فقال : دمّر الله عليكم ، بل اسمها المنصورة ، فسمّيت بذلك ، فقال خليد عينين (٤) يرثيه (٥) :
يا عين أدرّي دمعة فاسعديني (٦) |
|
وابكي ابن بشر سيّد الوافدين |
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل و «ز» ، وفي م : «الحصاب» وفي د : «الحصنات».
(٢) تحرفت بالأصل وم ، ود ، و «ز» إلى : ولد.
(٣) ويقال لها قزدار بالضم ثم السكون ، من نواحي الهند ، بينها وبين بست ثمانون فرسخا (معجم البلدان).
(٤) رسمها بالأصل : «عسد» وفوقها ضبة ، وفي «ز» وم : «عسو» وفي د : «؟؟؟» والصواب ما أثبت ، وهو من عبد القيس من ولد عبد الله بن دارم بن مالك ، وكان ينزل أرضا بالبحرين فتعرف بعينين فنسب إليها. (الشعر والشعراء ص ٢٨٢).
(٥) الأبيات في التعازي والمراثي للمبرد ص ٨٢ ـ ٨٣.
(٦) صدره في التعازي والمراثي : بحريّ قومي فاندبي منذرا ، وبحرية هي ابنة المنذر وكانت تحت عبيد الله بن زياد.