تتنافسون ، أمرتم بطلاق الدنيا فخطبتموها ، ونهيتم عن طلبها فطلبتموها ، وأنذرتم الكنوز فكنزتموها ، دعتكم إلى هذه الغزارة دواعيها ، فأجبتم مسرعين مناديها ، كأن قد جذبكم الرحيل ، وانقطع بكم الزاد القليل ، وبين أيديكم سفر طويل ، وليس لأحد منكم بديل ، أنّى لكم من الله الفرار ، أين التذكر والاستغفار.
قال : وأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو نصر فتح بن عبد الله ، نا أحمد بن عمرويه التاجر ، نا سليم بن منصور بن عمّار قال : سمعت أبي يقول :
دخلت على المنصور أمير المؤمنين فقال لي : يا منصور عظني وأوجز ، فقلت : إنّ من حقّ المنعم على المنعم عليه أن لا يجعل ما أنعم به عليه سببا لمعصيته ، فقال : أحسنت وأوجزت.
أخبرنا أبو القاسم الحسين (١) بن الحسن بن محمّد ، أنا سهل بن بشر بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن عيسى ـ إجازة ـ نا أبو بكر أحمد بن الحسن بن السّري ، نا أحمد بن عبد العزيز الصريفيني ، حدّثني سهل بن زكريا ، حدّثني بعض أصحابنا قال : سمعت منصور بن عمّار يقول : ترجو منازل الأبرار بعمل الفجّار ، ما هكذا فعل الخيار.
قال : ورأيت منصورا في النوم فقلت له : يا أبا السّري ، ما فعل الله بك؟ قال : أوثقني في عذابه ، وقال لي : كنت تخلّط ، ولكني قد غفرت لك لأنك كنت تحبب (٢) إليّ خلقي ، قم فمجّدني بين ملائكتي كما كنت تمجدني في الدنيا ، فوضع لي كرسيّ ، فمجّدت الله بين ملائكته.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٣) ، أنا الجوهري.
ح وقرأت على أبي منصور بن خيرون ، عن الجوهري ، أنا محمّد بن العباس ، نا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان قال : أنشدت لأبي العتاهية في منصور بن عمّار :
إنّ يوم الحساب يوم عسير |
|
ليس للظالمين فيه مجير |
__________________
(١) في م : الحسن.
(٢) كذا بالأصل : «تحبب إليّ خلقي» وفي د ، و «ز» ، وم : تحببني إلى خلقي.
(٣) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ٧٦.