فأخذ اللواء مصعب بن عمير ، ثم قتل ، وأخذ راية الخزرج سعد بن عبادة ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم قائم تحتها ، وأصحابه محدقون به ، ودفع لواء المهاجرين إلى أبي الرّوم العبدري آخر النهار ، فنظرت إلى لواء الأوس مع أسيد بن حضير ، فناوشوهم ساعة ، واقتتلوا على الاختلاط من الصفوف ، ونادى المشركون بشعارهم يا للعزّى ، يال هبل ، فأوجعوا والله فينا قتلا ذريعا ، ونالوا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما نالوا ، لا والذي بعثه بالحق ، إن رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم زال شبرا واحدا ، إنه لفي وجه العدو ، وتثوب إليه طائفة من أصحابه مرة وتتفرق عنه مرة ، فربّما رأيته قائما يرمي عن فرسه ، أو يرمي بالحجر حتى تحاجزوا ؛ وثبت رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما هو ثبت في عصابة صبروا معه ، أربعة عشر رجلا ، سبعة من المهاجرين ، وسبعة من الأنصار : أبو بكر ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وعلي بن أبي طالب ، وسعد بن أبي وقّاص ، وطلحة بن عبيد الله ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، والزّبير بن العوّام ، ومن الأنصار : الحباب بن المنذر ، وأبو دجانة ، وعاصم بن ثابت ، والحارث بن الصّمّة ، وسهل بن حنيف ، وأسيد بن حضير ، وسعد بن معاذ ، ويقال : ثبت سعد بن عبادة ، ومحمّد بن مسلمة ، فيجعلونهما مكان أسيد بن حضير ، وسعد بن معاذ ، وبايعه يومئذ ثمانية على الموت : ثلاثة من المهاجرين ، وخمسة من الأنصار ، علي ، والزّبير ، وطلحة ، وأبو دجانة ، والحارث بن الصّمّة ، وحباب بن المنذر ، وعاصم بن ثابت ، وسهل بن حنيف ، فلم يقتل منهم أحد ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعوهم في أخراهم ، حتى انتهى من انتهى منهم إلى قريب من المهراس (١).
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي إسحاق البرمكي.
ح أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد (٢) قال في الطبقة الثانية : أبو الرّوم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدّار بن قصي ، وأمّه رومية ، وهو أخو مصعب بن عمير لأبيه ، قال محمّد بن عمر : وكان قديم الإسلام بمكة ، وهاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ، وقد (٣) ذكره أيضا موسى بن عقبة ومحمّد بن إسحاق في روايتهما فيمن هاجر إلى أرض الحبشة في المرة الثانية ، وشهد أحدا ، وتوفي وليس له عقب.
__________________
(١) مهراس : ماء بجبل أحد ، أقصى شعب أحد ، يجتمع من المطر في نقر كبار وصغار ، والمهراس اسم لتلك النقر (راجع وفاء الوفاء للسمهودي ٢ / ٣٧٩).
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٤ / ١٢١.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «وقيل» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، وابن سعد.