كتب الوليد ما لم يكن عند الشيخين بدمشق : هشام ودحيم ، فلمّا مات هشام ودحيم أقبل إليه أصحاب الحديث ، فقالوا له : يا أبا عامر ، حدّثنا فإن عندك شيئا لا نصيبه عند غيرك ، فجلس لهم أبو عامر في غرب (١) المسجد في العامود الرابع مما يلي الغرب في الاسطوان الشامي ، فجلس لهم على كرسي ، فامتلأ الرواق ، وأنا معهم ـ فحدّثهم أول يوم ، والثاني ، والثالث ، فلمّا كان في اليوم الرابع وأنا حاضر مجلسه ، فقام إليه رجل يكنى أبا المطيع ، خراساني من أصحاب الحديث ، يسكن (٢) في بيوت باب البريد التي فيها البزارين الساعة ، فقال له : يا أبا عامر ، إن الناس يحبون أن يسمعوا ما تقول في التفضيل؟ فقال : أبو بكر ، قال : ثم من؟ قال : ثم عمر (٣) ، قال : ثم من؟ قال : ثم عثمان ، قال له أبو المطيع : جزاك الله خيرا ، فهذه السنّة ، وعلى هذا مضى السلف ، فوضع أبو عامر سبابته في شدقه الأيسر وفقع تفقيعة عظيمة سمع صوتها ثم قال : أوه! ما لعلي بن أبي طالب؟ وحقّ رسول الله لعليّ بن أبي طالب خير من هؤلاء كلّهم ، فضحك الناس ، فقال لهم أبو المطيع : ما أراد الشيخ إلّا خيرا ، ما أراد الشيخ إلّا خيرا ، وأدخل أبو (٤) الحسن سبابته في شدقه الأيسر وفقع تفقيعة عظيمة ، وقال : هكذا فقع أبو عامر.
قال أبو الحسن : أدركت من شيوخنا من شيوخ دمشق ممن يربّع بعلي بن أبي طالب ، فذكر جماعة ثم قال : وأبو عامر موسى بن عامر وبقيتهم لم يكونوا يربّعون.
قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد ، أنا أبو سليمان بن زبر قال : سمعت أبا الدحداح وأبا العباس بن ملّاس ، وأبا محمّد بن جمعة يقولون فيها ـ يعني ـ سنة خمس وخمسين ومائتين مات أبو عامر موسى بن عامر.
قرأت على أبي محمّد أيضا ، عن عبد الدائم بن الحسن ، عن عبد الوهّاب الكلابي ، أنا إبراهيم بن مروان ، قال : توفي أبو عامر بن خريم في ذي الحجّة من سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهكذا قال عمرو بن دحيم ، وقال : في النصف من ذي الحجّة (٥).
__________________
(١) الأصل وم ود : عرف ، والمثبت عن «ز».
(٢) الأصل : سكن ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) قوله : «قال : ثم من؟ قال : ثم عمر» مكرر بالأصل ، وم.
(٤) تحرفت بالأصل إلى : أبا.
(٥) تهذيب الكمال ١٨ / ٤٧٨ طبعة دار الفكر ، وتهذيب التهذيب ٥ / ٥٦٨.