يومئذ أوسط نساء قريش نسبا ، وأعظمهن شرفا ، وأكثرهن مالا ، وكل قومها كان حريصا على نكاحها لو يقدر عليه ، عرضت عليه نفسها.
فقالت له فيما يزعمون : يا ابن عم ، إنى قد رغبت فيك لقرابتك وصيتك فى قومك وأمانتك ، وحسن خلقك ، وصدق حديثك. فلما قالت له ذلك ، ذكر ذلك لأعمامه ، فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب يرحمهالله حتى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه فتزوجها. هكذا ذكر ابن إسحاق (١).
وذكر الواقدى وغيره من حديث نفيسة ، أن خديجة أرسلت إليه دسيسا ، فدعته إلى تزوجها. فلما أجاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسلت إلى عمها عمرو بن أسد فحضر ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى عمومته فزوجه أحدهم. وقال عمرو : هذا الفحل لا يقدح أنفه.
قال ابن هشام : وأصدقها رسول الله صلىاللهعليهوسلم عشرين بكرة (٢). وكانت أول امرأة تزوجها ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
قال ابن إسحاق فولدت خديجة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولده كلهم ، إلا إبراهيم : القاسم وبه كان يكنى والطاهر ، والطيب ، وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة (٣).
فأما القاسم والطاهر والطيب فهلكوا فى الجاهلية. وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام ، فأسلمن وهاجرن معه. هذا قول ابن إسحاق فى ذكور البنين ، أنهم هلكوا فى الجاهلية (٤).
وقال الزبير بن بكار ، وهو من أئمة هذا الشأن : ولدت له القاسم ، وعبد الله وهو الطاهر والطيب ، ولد بعد النبوة ومات صغيرا (٥). وفى مسند الفريابى ، ما يدل على أنه مات قبل أن يتم رضاعه وبعد النبوة.
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ١٦٥ ـ ١٦٨).
(٢) انظر : السيرة (١ / ١٦٦).
(٣) انظر : السيرة (١ / ١٦٦).
(٤) انظر : السيرة (١ / ١٦٧).
(٥) قيل : أن عبد الله يسمى الطيب والطاهر وهو ولد بعد النبوة على الصحيح وهو الذي مات بمكة صغيرا ، فقال العاص بن وائل السهمى : قد انقطع ولده فهو أبتر ، يعنى النبيّ ، فنزل فيه قوله تعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ). وانظر : المختصر الصغير (٦٨) ، تاريخ دمشق لابن عساكر (١ / ١٠٣ ـ ١٠٨) ، ابن الجوزى فى تلقيح فهوم أهل الأثر (٣٠).