وذلك أن خديجة دخل عليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد موت القاسم وهى تبكى عليه ، فقالت : يا رسول الله ، لو كان عاش حتى تكمل رضاعته لهون على. فقال : إن له مرضعا فى الجنة تستكمل رضاعته. فقالت : لو أعلم ذلك لهون على. فقال : إن شئت أسمعتك صوته فى الجنة. فقالت : بل أصدق الله ورسوله.
قال ابن هشام (١) : وأما إبراهيم فأمه مارية سرية النبيّ صلىاللهعليهوسلم التي أهداها إليه المقوقس من حفن من كورة أنصنا. وهى قبطية من قبط مصر ، وهذا هو الصهر الذي ذكره لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى قوله : «الله الله فى أهل الذمة ، أهل المدرة السوداء السحم الجعاد ، فإن لهم نسبا وصهرا» (٢).
قال مولى غفرة : نسبهم أن أم إسماعيل النبيّ عليهالسلام منهم ، وصهرهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تسرر فيهم. وفى حديث آخر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما».
قال ابن إسحاق (٣) : وكانت خديجة بنت خويلد قد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد ابن عبد العزى وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس ، ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان يرى منه إذ كان الملكان يظلانه.
فقال ورقة : لئن كان هذا حقا يا خديجة إن محمدا لنبى هذه الأمة ، قد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبى ينتظر ، هذا زمانه. أو كما قال. فجعل ورقة يستبطئ الأمر ويقول : حتى متى؟! وقال فى ذلك :
لججت وكنت فى الذكرى لجوجا |
|
لهم طالما بعث النشيجا (٤) |
ووصف من خديجة بعد وصف |
|
فقد طال انتظارى يا خديجا |
ببطن المكتين على رجائى |
|
حديثك أن أرى منه خروجا |
بما خبرتنا من قول قس |
|
من الرهبان أكره أن يعوجا (٥) |
بأن محمدا سيسود يوما |
|
ويخصم من يكون له حجيجا |
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ١٦٧).
(٢) أخرجه المتقى الهندى فى الكنز (٣٤٠٢٣) ، الهيثمى فى المجمع (١٠ / ٦٣) ، السيوطى فى جمع الجوامع (٩٦٥٩).
(٣) انظر : السيرة (١ / ١٦٧).
(٤) النشيجا : هو البكاء مع صوت ، والألف الملقحة للإطلاق.
(٥) القس : هو عابد النصارى.