مبثوثا حزينا ، لا يكلمنا ولا نكلمه ثم قال لى : ألا ترحلان؟ قلت : بلى إن شئت. قال : فارحلا.
فرحلنا فسرنا كذلك من بثه وحزنه ليالى. ثم قال لى ليلة : يا أبا سفيان ، هل لك فى المسير؟ وتخلف هذا الغلام يستأنس بأصحابنا ويستأنسون به؟ قلت له : ما شئت. قال : فسر. فسرنا حتى برزنا. قال : هى يا صخر!. قلت : ما لك؟. قال : هى عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المحارم والمظالم؟ قلت : إى والله. قال : ويصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت : نعم ويصل الرحم ويأمر بصلتها. قال : وكريم الطرفين ، واسط فى العشيرة؟ قلت : كريم الطرفين واسط فى العشيرة. قال : فهل تعلم قرشيا أشرف منه؟ قلت : لا والله ما أعلم. قال : ومحوج هو؟ قلت : لا بل ذو مال. قال : فكم أتى له؟ قلت : هو ابن سبعين نظر إليها قد قاربها ، هو لها ، هو ابنها. قال : فالسن والشرف أزريا به؟ قلت : وما لهما أزريا به؟ لا والله بل هما زاداه خيرا. قال : هو ذاك هل لك فى المبيت؟ قلت : هل لك فيه حاجة؟ قال : فاضطجعنا. حتى مر الثقل فسرنا حتى نزلنا فكنا فى المنزل وبتنا.
ثم رحلنا ، فلما كان الليل قال : يا أبا سفيان. قلت : لبيك. قال : هل لك فى البارحة؟ قلت : هل لى. قال : فسرنا على ناقتين ناجيتين ، حتى إذا برزنا قال : يا صخر ، إيه عن عتبة. قلت : إيه عنه. قال : أيجتنب المحارم والمظالم ويأمر بصلة الرحم ويصلها؟ قلت : ويفعل. قال : ومحوج؟ قلت : ومحوج.
قال : هل تعلم قرشيا أسود منه؟ قلت : والله ما أعلمه. قال : أو كم أتى له؟ قلت: سبعون هو لها هو ابنها قد واقعها. قال : فإن السن والشرف أزريا به. قلت : لا والله ما أزريا به ولكنهما زاداه ، وأنت قائل شيئا فقله. قال : والله لا تذكر حديثى حتى يأتى ما هو آت. قلت : والله لا أذكره. قال : الذي رأيت أصابنى فإنى جئت هذا العالم فسألته عن أشياء. قلت : أخبرنى عن هذا النبيّ الذي ينتظر؟ قال : هو رجل من العرب. قلت : قد علمت فمن أى العرب؟ قال : هو من أهل بيت تحجه العرب. قلت : فينا بيت تحجه العرب. قال : لا ، هم إخوتكم وجيرانكم من قريش. قال : فأصابنى والله شيء ما أصابنى مثله قط. وخرج من يدى فوز الدنيا والآخرة ، وكنت أرجو أن أكون أنا هو.
قلت : فإذا كان ما كان فصفه لى؟ قال : بلى ، هو شاب حين دخل فى الكهولة بدء أمره ، إنه يجتنب المحارم والمظالم ، ويصل الرحم ويأمر بصلتها ، وهو محوج ليس ينازع