شرفا كريم الطرفين ، متوسط فى العشيرة أكثر جنده من الملائكة قلت : وما آية ذلك؟ قال : قد رجف بالشام منذ هلك عيسى ابن مريم ثمانون رجفة كلها فيهم مصيبة عامة ، وبقيت رجفة عامة ، فيها مصيبة يخرج على أثرها.
قال أبو سفيان : قلت : وإن هذا هو الباطل ، لئن بعث الله رسولا ، لا يأخذه إلا شريفا مسنا. قال : والذي يحلف به إن هذا لهكذا يا أبا سفيان. هل لك فى المبيت. فبتنا حتى مر بنا الثقل ، فرحلنا حتى إذا كان بيننا وبين مكة ليلتان ، أدركنا الخبر من خلفنا : أصاب الشام بعدكم رجفة دمر أهلها وأصابتهم فيها مصيبة عظيمة. قال : كيف ترى يا أبا سفيان؟ قلت : أرى والله ما أظن صاحبك إلا صادقا.
وقدمنا مكة فقضيت ما كان معى ، ثم انطلقت حتى جئت أرض الحبشة تاجرا ، فمكثت بها خمسة أشهر ، ثم أقبلت حتى قدمت مكة فبينا أنا فى منزلى ، جاءنى الناس يسلمون على ، حتى جاءنى فى آخرهم محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوسلم ، وعندى هند جالسة تلاعب صبية لها ، فسلم على ورحب بى وسألنى عن سفرى ومقدمى ، ثم انطلق. فقلت : والله إن هذا الفتى لعجب ، ما جاءنا أحد من قريش له معى بضاعة ، إلا سألنى عنها وما بلغت وو الله إن له معى لبضاعة ، ما هو بأغناهم عنها ، ثم ما سألنى فقالت : أو ما علمت بشأنه؟ قلت وفزعت : ما شأنه؟! قالت : والله إنه ليزعم أنه رسول الله. قال : فوقذنى ذلك وذكرنى قول النصرانى ، ووجمت حتى قالت لى : ما لك؟ فانتبهت وقلت : إن هذا والله لهو الباطل ، لهو أعقل من أن يقول هذا. قالت : بلى والله إنه ليقوله ، ويؤتى عليه وإن له لصاحبة معه على أمره. قلت : هو والله باطل.
فخرجت فبينا أنا أطوف إذ لقيته ، فقلت : إن بضاعتك قد بلغت وكان فيها خير ، فأرسل إليها فخذها ، ولست آخذا فيها ما آخذ من قومك قال : فإنى غير آخذها حتى تأخذ منى ما تأخذ من قومى. قلت : ما أنا بفاعل. قال : فو الله إذا لا آخذها. قلت : فأرسل إليها. فأخذت منها ما كنت آخذ ، وبعثت إليه ببضاعته.
ولم أنشب أن خرجت تاجرا إلى اليمن فقدمت الطائف فنزلنا على أمية ، فتغديت معه ثم قلت : يا أبا عثمان ، هل تذكر حديث النصرانى؟ قال : أذكره. قلت : فقد كان ، قال : ومن؟ قلت : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. ثم قصصت عليه خبر هند. قال : فالله يعلم أنه تصبب عرقا ثم قال : يا أبا سفيان لعله ، وإن صفته لهيه ، ولئن ظهر وأنا حى لأبلين الله فى نصرته عذرا.